للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُ جُعِلَ وَاطِئًا، وَإِذَا ثَبَتَ الْوَطْءُ تَأَكَّدَ الْمِلْكُ وَالطَّلَاقُ فِي مِلْكٍ مُتَأَكِّدٍ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَيَبْطُلُ زَعْمُهُ بِتَكْذِيبِ الشَّرْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَذَا الْوَطْءِ الْإِحْصَانُ فَلَأَنْ تَثْبُتَ بِهِ الرَّجْعَةُ أَوْلَى. وَتَأْوِيلُ مَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ أَنْ تَلِدَ قَبْلَ الطَّلَاقِ، لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ فَلَا تُتَصَوَّرُ الرَّجْعَةُ.

قَالَ: (فَإِنْ خَلَا بِهَا وَأَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا

إيَّاهُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ حَكَمَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَهَذَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّ أَحَدٍ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ فَأُخِذَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ وَصَلَتْ إلَى يَدِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُكَذِّبًا شَرْعًا بِالْحُكْمِ لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ لَهُ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِي عَبْدِ إنْسَانٍ إنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ وَبِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ فَرْعُ تَكْذِيبِهِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَكْذِيبَ الشَّرْعِ إقْرَارَهُ بِمَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ حَقٍّ لَهُ تَكْذِيبٌ فِي اللَّازِمِ فَيَنْتَفِيَانِ، وَإِذَا انْتَفَى عَدَمُ الْوَطْءِ وَالرَّجْعَةِ ثَبَتَ وُجُودُهُمَا فَعَادَ حَقُّهُ فِي الرَّجْعَةِ، بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَإِنَّ تَكْذِيبَ الشَّرْعِ يَقْصُرُهُ عَلَى حَقِّ نَفْسِهِ فَيَبْقَى لَازِمُ الْمُرْتَفَعِ بِالتَّكْذِيبِ كَمَا لَوْ لَمْ يُكَذَّبْ فَلِذَا كُذِّبَ فِي إقْرَارِهِ بِالْحُرِّيَّةِ وَثَبَتَ الْحُكْمُ بِهَا، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْمَقَرِّ لَهُ بِالْعَيْنِ مَعَ تَكْذِيبِهِ بِالْحُكْمِ لِلْمُسْتَحِقِّ.

فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُجُودُ الْمَلْزُومِ مَعَ تَخَلُّفِ اللَّازِمِ وَإِنْ كَانَ لُزُومًا شَرْعِيًّا لِأَنَّ تَخَلُّفَهُ يُبْطِلُ اعْتِبَارَ الشَّرْعِ إيَّاهُ لَازِمًا وَقَدْ فَرَضَ اعْتِبَارَهُ لَازِمًا.

فَالْجَوَابُ أَنَّ الِامْتِنَاعَ فِي اللُّزُومِ الْعَقْلِيِّ.

أَمَّا الشَّرْعِيِّ فَقَدْ يَحْكُمُ الشَّرْعُ بِاللُّزُومِ عَلَى تَقْدِيرٍ فَتَقْتَصِرُ الْمُلَازَمَةُ عَلَيْهِ، وَهُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ حِينَ أَقَرَّ بِالْعَيْنِ لِفُلَانٍ ثَبَتَ أَنَّ فُلَانًا أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا كَذَّبَهُ الشَّرْعُ بِالْقَضَاءِ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ لِفُلَانٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَقَطْ وَأَنَّهُ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقِرِّ فَثَبَتَ اللُّزُومُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَذَا الْوَطْءِ الْإِحْصَانُ) أَيْ الْوَطْءِ الَّذِي يَثْبُتُ بِتَكْذِيبِ الشَّرْعِ إيَّاهُ وَالْإِحْصَانُ لَهُ مَدْخَلٌ فِي إيجَابِ الْعُقُوبَةِ فَلَأَنْ تَثْبُتَ بِهِ الرَّجْعَةُ وَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْعُقُوبَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَتَأْوِيلُ مَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ أَنْ تَلِدَ قَبْلَ الطَّلَاقِ) أَيْ فِي مُدَّةٍ تَصْلُحُ بِأَنْ تَلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ النِّكَاحِ كَمَا قَدَّمْنَا

(قَوْلُهُ وَأَغْلَقَ بَابًا) الْمُنَاسِبُ أَوْ أَغْلَقَ بِأَوْ كَمَا فَعَلَ فِي أَرْخَى لَا بِالْوَاوِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَفْصِيلٌ لِلْخَلْوَةِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِإِثْبَاتِهَا لَا مُبَايِنٌ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>