وَالْمُسْلِمُ لَا يَفْعَلُ الْحَرَامَ
(فَإِنْ قَالَ لَهَا إذَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ آخَرَ فَهِيَ رَجْعَةٌ) مَعْنَاهُ مِنْ بَطْنٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ فَيَكُونُ الْوَلَدُ الثَّانِي مِنْ عَلُوقٍ حَادِثٍ مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَيَصِيرُ مُرَاجِعًا
(وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ فَالْوَلَدُ الْأَوَّلُ طَلَاقٌ وَالْوَلَدُ الثَّانِي رَجْعَةٌ وَكَذَا الثَّالِثُ) لِأَنَّهَا إذَا جَاءَتْ بِالْأَوَّلِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَصَارَتْ مُعْتَدَّةً، وَبِالثَّانِي صَارَ مُرَاجِعًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يَجْعَلُ الْعَلُوقَ بِوَطْءٍ حَادِثٍ فِي الْعِدَّةِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّانِي بِوِلَادَةِ الْوَلَدِ الثَّانِي لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودَةٌ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ، وَبِالْوَلَدِ الثَّالِثِ صَارَ مُرَاجِعًا لِمَا ذَكَرْنَا، وَتَقَعُ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ بِوِلَادَةِ الثَّالِثِ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ لِأَنَّهَا حَائِلٌ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ حِينَ وَقَعَ الطَّلَاقُ
الْوَطْءِ إذْ الْمُؤَدِّي عَلَى عِبَارَتِهِ هَكَذَا عَلَى اعْتِبَارِ إنْزَالِهِ وَاطِئًا بَعْدَ الطَّلَاقِ يَزُولُ الْمِلْكُ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ قَبْلَهُ فَيَحْرُمُ، وَتَحْصِيلُ الْمَقْصُودِ مِنْ هَذِهِ بِتَكَلُّفٍ بَعْدَ تَوَهُّمِ خَطَئِهَا (قَوْلُهُ وَالْمُسْلِمُ لَا يَفْعَلُ الْحَرَامَ) فَإِنْ قِيلَ: وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ، فَالْجَوَابُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الِاعْتِبَارَيْنِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ كَذِبُهُ وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُ الزِّنَا وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْكِذْبَةِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ) أَنْ فِيهِ لِلْوَصْلِ، فَأَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعْنَاهُ: أَيْ فَصَاعِدًا أَقَلُّ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ عَشْرَ سِنِينَ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، لِأَنَّ الثَّانِيَ يُضَافُ إلَى عَلُوقٍ حَادِثٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ امْتِدَادَ الطُّهْرِ لَا غَايَةَ لَهُ إلَّا الْإِيَاسُ وَبِهِ يَصِيرُ مُرَاجِعًا، بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَوْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ لَا يَكُونُ رَجْعَةً، وَفِي أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ يَكُونُ رَجْعَةً لِاحْتِمَالِ الْعَلُوقِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَإِنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ سَقَطَ هُنَا لِأَنَّهُمَا إذَا كَانَا مِنْ بَطْنَيْنِ كَانَ الثَّانِي مِنْ وَطْءٍ حَادِثٍ أَلْبَتَّةَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ إذْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ يُوجِبُ الْحُكْمَ بِكَوْنِ الثَّانِي مِنْ وَطْءٍ عَلَى حِدَتِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ بِوِلَادَةِ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ لِأَنَّهَا بِالْوَطْءِ الْكَائِنِ بَعْدَ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ وَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَهُمَا تَوْءَمَانِ فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ بِالْأَوَّلَيْنِ لَا غَيْرَ إذْ بِالثَّالِثِ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلَانِ فِي بَطْنٍ وَالثَّالِثُ فِي بَطْنٍ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْأَوَّلِ لَا غَيْرُ، وَتَنْقَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute