للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ) كَالرُّعَافِ الدَّائِمِ لَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ وَلَا الصَّلَاةَ وَلَا الْوَطْءَ لِقَوْلِهِ «تَوَضَّئِي وَصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» وَإِذَا عُرِفَ حُكْمُ الصَّلَاةِ ثَبَتَ حُكْمُ الصَّوْمِ وَالْوَطْءُ بِنَتِيجَةِ الْإِجْمَاعِ (وَلَوْ) (زَادَ الدَّمُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) وَلَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ دُونَهَا رَدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا،

لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا حَاضَتْ مِنْ أَوَّلِهِ عَشَرَةً وَمِنْ آخِرِهِ خَمْسَةً أَوْ بِالْعَكْسِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا حَاضَتْ فِي الْقَضَاءِ عَشَرَةً فَتُسَلِّمُ خَمْسَةَ عَشَر بِيَقِينٍ.

وَهَلْ يُقَدَّر لَهَا طُهْرٌ فِي حَقِّ الْعِدَّةِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهَا طُهْرًا وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا أَبَدًا مِنْهُمْ أَوْ عِصْمَةٌ وَالْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا يَجُوزُ إلَّا تَوْقِيفًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ فَالْمَيْدَانِيُّ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً لِأَنَّ الطُّهْرَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ أَقَلُّ مِنْ أَدْنَى مُدَّةِ الْحَبَلِ عَادَةً فَنَقَصْنَا عَنْهُ سَاعَةً فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِتِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إلَّا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوَّلَ الطُّهْرِ. قِيلَ وَيَنْبَغِي أَنْ تُزَادَ عَشَرَةً لِمِثْلِ مَا قُلْنَا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ شَهْرَانِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي سَهْلٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا لِأَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ مَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ حَيْضًا، وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي الْغَالِبِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَذَكَرَ بُرْهَانُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ التَّقْدِيرُ بِشَهْرَيْنِ

(قَوْلُهُ تَوَضَّئِي وَصَلِّي إلَخْ) رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدِهِ إلَى عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: لَا اجْتَنِبِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ صَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَفِي سَنَدَيْهِمَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: ضَعَّفَ يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَرَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَرْجَمَةِ عُرْوَةَ الْمُزَنِيّ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي تَرْجَمَةِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْهَا، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ «وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ»

(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ دُونَهَا رَدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا) فَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَادَةِ اسْتِحَاضَةً وَإِنْ كَانَ دَاخِلَ الْعَشَرَةِ، وَهَلْ تَتْرُكُ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهَا الزِّيَادَةَ؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ، قِيلَ لَا إذَا لَمْ يُتَيَقَّنْ بِكَوْنِهِ حَيْضًا لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَقِيلَ نَعَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>