قَالَ (وَمَنْ خَلَعَ ابْنَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِمَالِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهَا فِيهِ إذْ الْبُضْعُ فِي حَالَةِ الْخُرُوجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، وَالْبَدَلُ مُتَقَوِّمٌ بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ الدُّخُولِ وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ خَلْعُ الْمَرِيضَةِ مِنْ الثُّلُثِ وَنِكَاحُ الْمَرِيضِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَلَا يَسْتَحِقُّ مَالَهَا، ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَقَعُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ قَبُولِهِ فَيَعْتَبِرُ بِالتَّعْلِيقِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ
لَا الْغُلَامِ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَلَدَ وَلَا يَتْرُكُهُ عِنْدَهَا، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْوَلَدِ، وَيَنْظُرُ إلَى مِثْلِ إمْسَاكِ الْوَلَدِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا.
وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ ثُمَّ صَالَحَتْ الزَّوْجَ عَلَى شَيْءٍ يَصِحُّ، وَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ عَشْرًا وَهِيَ مُعْسِرَةٌ فَطَالَبَتْهُ بِنَفَقَتِهِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَمَا شُرِطَ حَقٌّ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ لَا عَلَى مَا أَفْتَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سُقُوطِ النَّفَقَةِ، وَلَوْ خَالَعَهَا بِمَالِهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَقَعَ وَوَجَبَ عَلَيْهَا رَدُّ الْمَهْرِ، وَمِثْلُهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدِهَا الَّذِي لَهَا عِنْدَهُ أَوْ مَتَاعِهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَقَعَ عَلَى مَهْرِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ سَقَطَ.
وَإِنْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَوْ خَالَعَهَا بِمَهْرِهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ وَقَعَ بَائِنًا مَجَّانًا، وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا بِمَهْرِهَا فَقَبِلَتْ وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا مَجَّانًا.
(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا) يَحْتَمِلُ عَدَمَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِسُؤَالِ الْأَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ بَدَلَ الْخُلْعِ فَصَارَ كَأَنَّ الزَّوْجَ خَاطِبُ الْبِنْتِ بِالْخُلْعِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ لُزُومِ الْمَالِ بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَلَمَّا صَرَّحَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ وُقُوعُهُ تَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهَا فِيهِ، إذْ الْبُضْعُ حَالَةَ الْخُرُوجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَالْبَدَلُ مُتَقَوِّمٌ، فَإِعْطَاءُ الْمُتَقَوِّمِ مِنْ مَالِهَا بَعُوضٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّبَرُّعِ بِمَالِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ الدُّخُولِ) فَلَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ جَازَ عَلَيْهِ وَلَزِمَ الْمَهْرُ فِي مَالِ الِابْنِ لِأَنَّهُ أَعْطَى الْمُتَقَوِّمَ مِنْ مَالِهِ بِمُتَقَوِّمٍ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَعْتَبِرُ خَلْعُ الْمَرِيضَةِ) مُتَّصِلٌ بِكَوْنِ الْبِضْعِ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ حَالَةَ الْخُرُوجِ، وَقَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْوَاجِبَ لِلزَّوْجِ إنْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ الْأَقَلُّ مِنْ مِيرَاثِهِ وَمِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ وَالثُّلُثِ إذَا مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَهُ بَدَلُ الْخُلْعِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَنِكَاحُ الْمَرِيضِ إلَخْ) مُتَّصِلٌ بِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ حَالَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُنْتَقَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute