للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَفَّارَتُهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا شَهْرُ رَمَضَانَ وَلَا يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمُ النَّحْرِ وَلَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ) أَمَّا التَّتَابُعُ فَلِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَشَهْرُ رَمَضَانَ لَا يَقَعُ عَنْ الظِّهَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَالصَّوْمُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يَنُوبُ عَنْ الْوَاجِبِ الْكَامِلِ.

(فَإِنْ جَامَعَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا فِي خِلَالِ الشَّهْرَيْنِ لَيْلًا عَامِدًا أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَسْتَأْنِفُ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّتَابُعَ، إذْ لَا يَفْسُدُ بِهِ الصَّوْمُ وَهُوَ الشَّرْطُ، وَإِنْ كَانَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَسِيسِ شَرْطًا فَفِيمَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ تَقْدِيمُ الْبَعْضِ وَفِيمَا قُلْتُمْ تَأْخِيرُ الْكُلِّ عَنْهُ. وَلَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي الصَّوْمِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَأَنْ يَكُونَ خَالِيًا عَنْهُ ضَرُورَةً بِالنَّصِّ،

وَاعْتَبَرَاهُ بِالْمَاءِ الْمُعَدِّ لِلْعَطَشِ. وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَاءَ مَأْمُورٌ بِإِمْسَاكِهِ لِعَطَشِهِ وَاسْتِعْمَالُهُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْخَادِمِ، كَذَا ذَكَرَهُ الرَّازِيّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَسْكَنَ.

وَجَوَابُهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لِبَاسِهِ وَلِبَاسِ أَهْلِهِ، بِخِلَافِ الْخَادِمِ. وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ: يُعْتَبَرُ الْإِعْسَارُ وَالْيَسَارُ وَقْتَ التَّكْفِيرِ: أَيْ الْأَدَاءِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ أَحْمَدُ وَالظَّاهِرِيَّةُ: وَقْتَ الْوُجُوبِ.

وَلِلشَّافِعِيِّ أَقْوَالٌ كَالْقَوْلَيْنِ. وَثَالِثُهَا يُعْتَبَرُ أَغْلَظَ الْحَالَيْنِ (قَوْلُهُ فَكَفَّارَتُهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ) إنْ صَامَهُمَا بِالْأَهِلَّةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَتَا ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا، وَإِنْ صَامَهُمَا بِغَيْرِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ صَبِيحَةَ تِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافُ

(قَوْلُهُ فَإِنْ جَامَعَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا) كَوْنُهَا الْمُظَاهَرَ مِنْهَا قَيْدٌ فِي لُزُومِ الِاسْتِقْبَالِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، فَإِنَّهُ لَوْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى نَاسِيًا لَا يَسْتَأْنِفُ عِنْدَهُ أَيْضًا، كَمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ لِلصَّوْمِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ التَّتَابُعُ وَلَا يَنْقَطِعُ بِالنِّسْيَانِ بِالنَّصِّ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ، بِخِلَافِ حُرْمَةِ جِمَاعِ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلصَّوْمِ بَلْ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ وَتَقَدُّمُهَا عَلَى الْمَسِيسِ شَرْطُ حِلِّهَا، فَبِالْجِمَاعِ نَاسِيًا فِي أَثْنَائِهِ يَبْطُلُ حُكْمُ الصَّوْمِ الْمُتَقَدِّمُ فِي حَقِّ الْكَفَّارَةِ عَلَى وِزَانِ مَا قُلْنَا فِي الْجِمَاعِ بَعْدَ عِتْقِ نِصْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>