(وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا ظِهَارٍ فَأَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ لَا يَنْوِي عَنْ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا جَازَ عَنْهُمَا، وَكَذَا إذَا صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا جَازَ) لِأَنَّ الْجِنْسَ مُتَّحِدٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ (وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهُمَا رَقَبَةً وَاحِدَةً أَوْ صَامَ شَهْرَيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارٍ وَقُتِلَ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجْزِيه عَنْ أَحَدِهِمَا فِي الْفَصْلَيْنِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدِهِمَا فِي الْفَصْلَيْنِ لِأَنَّ الْكَفَّارَاتِ كُلَّهَا بِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمَقْصُودِ جِنْسٌ وَاحِدٌ. وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْ كُلِّ ظِهَارٍ نِصْفَ الْعَبْدِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ عَنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَمَا أَعْتَقَ عَنْهُمَا لِخُرُوجِ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهِ. وَلَنَا أَنَّ نِيَّةَ التَّعْيِينِ
لِثُبُوتِ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ فِي نِيَّةِ الظِّهَارَيْنِ وَهُوَ حِلُّهُمَا مَعًا. أُجِيبَ بِمَا حَاصِلُهُ ادِّعَاءُ ثُبُوتِ الْمَانِعِ هُنَا وَهُوَ عَدَمُ سَعَةِ الْمَحَلِّ لِلْكَفَّارَتَيْنِ، فَإِنَّ مَحَلَّهُمَا فِي الْإِطْعَامِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِسْكِينًا، بِخِلَافِ صُورَةِ الْإِعْتَاقِ، وَهَذَا يَصِيرُ أَصْلُ الْجَوَابِ تَسْلِيمُ وُجُوبِ الْمُقْتَضَى وَادِّعَاءُ الْمَانِعِ، وَهُوَ رُجُوعٌ وَانْقِطَاعٍ عَنْ طَرِيقِ الْأَوَّلِ إذْ قَدْ ظَهَرَ صِحَّةُ. اعْتِبَارِ النِّيَّةِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ. ثُمَّ قَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ أَنَّ اعْتِبَارَ السِّتِّينَ مِائَةً وَعِشْرِينَ بِالنَّظَرِ إلَى كَفَّارَتَيْنِ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ اعْتِبَارِ الْوَاحِدِ سِتِّينَ فِي كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ بِاعْتِبَارِ تَجَدُّدِ الْحَاجَةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ وَظِيفَةَ الْوَاحِدِ مُسْتَهْلَكَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كَفَّارَةٍ أُخْرَى فَهُوَ كَمُحْتَاجٍ آخَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَمَا دَفَعَ إلَّا مَعَ قِيَامِ الْحَاجَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كَفَّارَةٍ أُخْرَى
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) هَذَا إذَا كَانَتْ الرَّقَبَةُ مُؤْمِنَةً، فَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً صَحَّ عَنْ الظِّهَارِ لِأَنَّ الْكَافِرَةَ لَا تَصْلُحُ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ فَتَعَيَّنَتْ لِلظِّهَارِ (قَوْلُهُ فِي الْفَصْلَيْنِ) هُمَا صُورَتَا اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَاخْتِلَافِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَفَّارَاتِ كُلَّهَا بِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمَقْصُودِ) وَهُوَ السِّتْرُ وَإِذْهَابُ أَثَرِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ (جِنْسٌ وَاحِدٌ) وَلِذَا حُمِلَ الْمُطْلَقُ مِنْهُمَا عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأُخْرَى (قَوْلُهُ لِخُرُوجِ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهِ) فَإِنَّهُ وَقَعَ نَفْلًا إذْ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ نِصْفِ رَقَبَةٍ عَنْ كَفَّارَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute