وَلَوْ كَانَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ امْتِنَاعَ اللِّعَانِ بِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ إذْ هُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ
الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَأَخْرَجَهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَقَالَ وَتَابَعَهُ: يَعْنِي تَابَعَ عُثْمَانَ بْنَ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيَّ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ عَطَاءٍ وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ.
وَرُوِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَهُمَا إمَامَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَرْفَعَاهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ مَوْقُوفًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ عُمَارَةَ بْنَ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَضَعَّفَ رُوَاتَهُ.
وَأَنْتَ عَلِمْت أَنَّ الضَّعِيفَ إذَا تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ كَانَ حُجَّةً، وَهَذَا كَذَلِكَ خُصُوصًا وَقَدْ اُعْتُضِدَ بِرِوَايَةِ الْإِمَامَيْنِ إيَّاهُ مَوْقُوفًا عَلَى جَدِّ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ آيَةُ اللِّعَانِ عَلَى التَّقْرِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ شَهَادَاتٌ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَا مَحْدُودَيْنِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) لِأَنَّ امْتِنَاعَ اللِّعَانِ بِمَعْنَى مِنْ جِهَتِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ هُوَ عَبْدًا وَهِيَ مَحْدُودَةً فِي قَذْفٍ يُحَدُّ لِمَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّ قَذْفَ الْأَمَةِ وَالْكَافِرَةِ لَا يُوجِبُهُ، بِخِلَافِ قَذْفِ الْمَحْدُودَةِ إذَا كَانَتْ عَفِيفَةً، فَإِنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ يُحَدُّ فَكَذَا الزَّوْجُ.
وَلَوْ قَذَفَ الْكَافِرَةَ أَوْ الْأَمَةَ أَجْنَبِيٌّ لَا يُحَدُّ فَكَذَا الزَّوْجُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ أَوْ مَجْنُونَيْنِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ يُلَاعِنُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ فَهُوَ أَهْلٌ لَهُ، إلَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا. قِيلَ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ امْتِنَاعَهُ بِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ كَذَلِكَ هُوَ بِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُرَاعَى الْجِهَتَانِ، فَبِاعْتِبَارِ جِهَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَفِيَ اللِّعَانُ فَقَطْ، وَبِاعْتِبَارِ جِهَتِهَا يَسْقُطُ اللِّعَانُ فَيَتْبَعُهُ سُقُوطُ الْحَدِّ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَذْفَ يُوجَدُ أَوَّلًا مِنْهُ، وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلِّعَانِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ، وَالْحَدُّ إنْ لَمْ يَكُنْ، وَعَدَمُ أَهْلِيَّتِهَا مَانِعٌ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْمَانِعِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي لِأَنَّ مَفْهُومَ الْمَانِعِيَّةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، إذْ حَقِيقَتُهُ نِسْبَتُهُ إلَى الْمُقْتَضَى بِالْمَنْعِ، وَلَا وُجُودَ لِمُقْتَضَى اللِّعَانِ فَلَا تُعْتَبَرُ الْمَانِعِيَّةُ مِنْ جِهَتِهَا لِلِّعَانِ. وَالْحَدُّ إنَّمَا يَسْقُطُ بِمَا مِنْ جِهَتِهَا تَبَعًا لِسُقُوطِ اللِّعَانِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْمُسْقِطُ الْمُسْتَتْبَعَ مِنْ جِهَتِهَا فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ وَقَدْ كَانَ ثَابِتًا فَإِنَّ قَذْفَ الزَّوْجِ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute