فَيَتَضَمَّنُهُ الْقَضَاءُ بِالتَّفْرِيقِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَاضِي يُفَرِّقُ وَيَقُولُ: قَدْ أَلْزَمْته أُمَّهُ وَأَخْرَجْته مِنْ نَسَبِ الْأَبِ لِأَنَّهُ يَنْفَكُّ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ (فَإِنْ عَادَ الزَّوْجُ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ حَدَّهُ الْقَاضِي) لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ
عِفَارِ النَّخْلِ، وَعِفَارُ النَّخْلِ أَنَّهَا كَانَتْ لَا تُسْقَى بَعْدَ الْإِبَارِ بِشَهْرَيْنِ، «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُمَّ بَيِّنِ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَكْرُوهِ».
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ عُوَيْمِرٍ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: شَهِدَ عُوَيْمِرُ بْنُ الْحَارِثِ الْعَجْلَانِيُّ وَقَدْ رَمَى امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ وَأَنْكَرَ حَمْلَهَا فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهِيَ حَامِلٌ، فَرَأَيْتُهُمَا يَتَلَاعَنَانِ قَائِمَيْنِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ وَلَدَتْ فَأُلْحِقَ الْوَلَدُ بِالْمَرْأَةِ وَجَاءَتْ بِهِ أَشْبَهَ النَّاسِ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، وَكَانَ عُوَيْمِرٌ قَدْ لَامَهُ قَوْمُهُ وَقَالُوا امْرَأَةٌ لَا نَعْلَمُ فِيهِ إلَّا خَيْرًا، فَلَمَّا جَاءَ الشَّبَهُ بِشَرِيكٍ عَذَرَهُ النَّاسُ، وَعَاشَ الْمَوْلُودُ سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ، وَعَاشَتْ أُمُّهُ بَعْدَهُ يَسِيرًا، وَصَارَ شَرِيكٌ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ بِحَالِ سُوءٍ». قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي غَيْرُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ عُوَيْمِرًا مِنْ فُسَّاقِ الْحَدِيثِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَلَمْ يَحُدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عُوَيْمِرًا فِي قَذْفِهِ شَرِيكَ ابْنَ سَحْمَاءَ. وَشَهِدَ عُوَيْمِرُ بْنُ الْحَارِثِ وَشَرِيكُ ابْنُ سَحْمَاءَ أُحُدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَفِي هَذَا أَنَّ الْوَلَدَ عَاشَ سَنَتَيْنِ وَمَاتَ وَنَسَبُهُ مَا نُسِبَ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ إلَى شَرِيكٍ إلَيْهِ أَيْضًا فِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ. قِيلَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا فِي «قِصَّةِ هِلَالٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِاَلَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وُجِدَ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ» وَفِي هَذَا أَنَّ اللِّعَانَ بَيْنَهُمَا كَانَ بَعْدَ الْوَضْعِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافُهُ وَهَذَا تَعَارُضٌ (قَوْلُهُ فَيَتَضَمَّنُهُ الْقَضَاءُ إلَخْ) أَيْ يَثْبُتُ قَطْعُ النَّسَبِ فِي ضِمْنِ الْقَضَاءِ بِالتَّفْرِيقِ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَاضِي يُفَرِّقُ إلَخْ) أَيْ لَا يَثْبُتُ قَطْعُ النَّسَبِ ضِمْنًا لِلتَّفْرِيقِ، لِأَنَّهُ: أَيْ التَّفْرِيقُ بِاللِّعَانِ (قَوْلُهُ يَنْفَكُّ عَنْهُ) أَيْ عَنْ نَفْيِ الْوَلَدِ، كَمَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ اللِّعَانِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِاللِّعَانِ وَلَا يَنْقَطِعُ نَسَبُ ذَلِكَ الْوَلَدِ، وَلَوْ نَفَى نَسَبَ أُمِّ الْوَلَدِ انْتَفَى الْوَلَدُ وَلَا لِعَانَ وَلَا تَفْرِيقَ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْهُ لَا يَنْتَفِي النَّسَبُ عَنْهُ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: هَذَا صَحِيحٌ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ فَادَّعَى الْمُلَاعِنُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُحَدُّ، فَلَوْ كَانَ قَدْ تَرَكَ وَلَدًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْأَبِ وَوَرِثَهُ الْأَبُ لِاحْتِيَاجِ الْحَيِّ إلَى النَّسَبِ، وَلَوْ تَرَكَ بِنْتًا وَلَهَا ابْنٌ فَأَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا. وَقِيلَ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ. لَهُ أَنَّ الِابْنَ يُعَيَّرُ بِانْتِفَاءِ نَسَبِ أُمِّهِ كَأَبِيهِ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ثُبُوتِ نَسَبِهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَادَ الزَّوْجُ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ) أَيْ بَعْدَ اللِّعَانِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute