فَكَذَا لَا يُلَاعِنُ الزَّوْجُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (وَكَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ (وَقَذْفُ الْأَخْرَسِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اللِّعَانُ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالصَّرِيحِ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ الشُّبْهَةِ وَالْحُدُودُ تَنْدَرِئُ بِهَا
(وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لَيْسَ حَمْلُك مِنِّي فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا) وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ لِأَنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ بِقِيَامِ الْحَمْلِ فَلَمْ يَصِرْ قَاذِفًا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: اللِّعَانُ يَجِبُ بِنَفْيِ الْحَمْلِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَعْنَى مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِقِيَامِ الْحَمْلِ عِنْدَهُ فَيَتَحَقَّقُ الْقَذْفُ. قُلْنَا: إذَا لَمْ يَكُنْ قَذْفًا فِي الْحَالِ يَصِيرُ كَالْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ بِك حَمْلٌ فَلَيْسَ مِنِّي. وَالْقَذْفُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ (وَإِنْ قَالَ لَهَا زَنَيْت وَهَذَا الْحَمْلُ مِنْ الزِّنَا تَلَاعَنَا) لِوُجُودِ الْقَذْفِ حَيْثُ ذَكَرَ الزِّنَا صَرِيحًا (وَلَمْ يَنْفِ الْقَاضِي الْحَمْلَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَنْفِيه لِأَنَّهُ ﵊ نَفَى الْوَلَدَ عَنْ هِلَالٍ وَقَدْ قَذَفَهَا حَامِلًا.
كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَلِأَنَّهُ شَهَادَةٌ حَتَّى يَخْتَصَّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، فَلَوْ قَالَ أَحْلِفُ مَكَانَ أَشْهَدُ لَا يَجُوزُ وَلَا شَهَادَةَ لِلْأَخْرَسِ فِي الْأَمْوَالِ فَهَاهُنَا أَوْلَى.
وَكَذَا إذَا كَانَتْ خَرْسَاءَ لَا لِعَانَ لِأَنَّ قَذْفَهَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تُصَدِّقُهُ، أَوْ لِتَعَذُّرِ الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ) وَمَالِكٌ وَالظَّاهِرِيَّةُ فَيُلَاعِنُ بِالْإِشَارَةِ عِنْدَهُمْ اعْتَبَرُوهُ بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ وَصِحَّةِ بَيْعِهِ وَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ. وَقَالُوا: إنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ أَصَمَتَتْ، فَقِيلَ لَهَا لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَأَشَارَتْ: أَيْ نَعَمْ فَرَأَوْا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ. قُلْنَا: لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، وَلَوْ ثَبَتَ فَتَجْوِيزُ الْوَصِيَّةِ مِمَّنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ بِالْإِشَارَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ حَدِّهِ بِهَا فَلَا يَجُوزُ اللِّعَانُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَا تَعْرَى عَنْ الشُّبْهَةِ وَالْحَدُّ يَنْدَرِئُ بِهَا، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ مَعَهَا
(قَوْلُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ) وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو ثَوْرٍ، وَبِقَوْلِهِمَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: اللِّعَانُ يَجِبُ إلَخْ) يَعْنِي وَقْتَ الْوَضْعِ إذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْقَذْفِ لِلتَّيَقُّنِ بِقِيَامِ الْحَمْلِ عِنْدَ الْقَذْفِ.
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُلَاعِنُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِحَدِيثِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ ﷺ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ قَذْفُهَا حَامِلًا عَلَى مَا تُفِيدُهُ الْقِصَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا (قَوْلُهُ يَصِيرُ كَالْمُعَلَّقِ) كَأَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك وَلَدٌ فَهُوَ مِنْ الزِّنَا، وَلَوْ قَالَهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ فَكَذَا مَا بِمَعْنَاهُ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةَ الْمُعَلَّقِ إذْ بِالْوِلَادَةِ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ قَذْفًا مُنَجَّزًا لَكِنْ فِيهِ شُبْهَةُ التَّعْلِيقِ إذْ فِي كُلِّ مَوْقُوفٍ شُبْهَةُ التَّعْلِيقِ إذْ لَا يُعْرَفُ حُكْمُهُ إلَّا بِعَاقِبَتِهِ فَهُوَ كَالشَّرْطِ فِي حَقِّنَا، وَشُبْهَةُ التَّعْلِيقِ كَحَقِيقَتِهِ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَبِثُبُوتِ الشُّبْهَةِ امْتَنَعَ لِعَانُهَا حَامِلًا عِنْدَنَا لِأَنَّ الْحَمْلَ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَرَدِّ الْمَبِيعَةِ بِهِ وَالْإِرْثِ لَهُ وَالْوَصِيَّةِ بِهِ وَلَهُ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَهِلَالٌ لَمْ يَكُنْ قَذَفَهَا بِنَفْيِ الْحَمْلِ بَلْ بِالزِّنَا، قَالَ: وَجَدْت شَرِيكَ ابْنَ سَحْمَاءَ عَلَى بَطْنِهَا يَزْنِي بِهَا.
وَقَوْلُهُ ﷺ «اُنْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا» إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute