للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْوَلَدِ عُلِمَ الْخُرُوجُ مِنْ الرَّحِمِ فَأَغْنَى عَنْ امْتِدَادٍ جُعِلَ عِلْمًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ

(وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ اسْتِحَاضَةً) لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ وَقَّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا»،

فَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَيْضًا بِأَنْ امْتَدَّ جَعْلُ إيَّاهُ وَإِلَّا فَاسْتِحَاضَةٌ. وَفِي الْفَتَاوَى: طَهُرَتْ شَهْرَيْنِ فَظَنَّتْ أَنَّ بِهَا حَبَلًا ثُمَّ أَسْقَطَتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ سَقْطًا لَمْ يَسْتَبِنْ خَلْقَهُ وَقَدْ رَأَتْ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ عَشَرَةً دَمًا يَكُونُ حَيْضًا لِأَنَّهُ بَعْدَ طُهْرٍ صَحِيحٍ، وَهِيَ لَمَّا أَسْقَطَتْ سِقْطًا لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ لَمْ تُعْطَ حُكْمَ الْوِلَادَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فَحُكِمَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ دَمًا انْعَقَدَ ثُمَّ تَحَلَّلَ فَخَرَجَ فَلَمْ يَكُنْ دَمًا حَامِلِ فَكَانَ حَيْضًا

(قَوْلُهُ فَأَغْنَى عَنْ امْتِدَادِ جَعْلٍ عِلْمًا عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ) مَرْجِعُ ضَمِيرِ عَلَيْهِ خُرُوجُهُ مِنْ الرَّحِمِ، وَالِامْتِدَادُ الَّذِي جُعِلَ عِلْمًا عَلَى خُرُوجِ الدَّمِ مِنْ الرَّحِمِ فِي الْحَيْضِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا بَعْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ مِنْ تَقَدُّمِ نِصَابِ الطُّهْرِ وَغَيْرِهِ: أَيْ أَغْنَى عَنْ التَّعَرُّفِ بِهِ خُرُوجُ الْوَلَدِ، فَإِنَّ الَّذِي يَعْقُبُهُ مِنْ الدَّمِ ظَاهِرُ كَوْنِهِ مِنْ الرَّحِمِ. وَفِي بَعْضٍ مِنْ النُّسَخِ عَنْ امْتِدَادِ مَا جُعِلَ عِلْمًا عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى فِيهِ تَنْوِينُ امْتِدَادٍ فَتَكُونُ مَا هِيَ الْمُنَبِّهَةُ عَلَى وَصْفٍ لَائِقٍ بِالْمَحَلِّ كَقَوْلِهِمْ: لِأَمْرِ مَا جَدَعَ قَصِيرُ أَنْفِهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْعُمُومُ فِي الِامْتِدَادَاتِ الْمُعَرِّفَةِ لِكَوْنِ الدَّمِ حَيْضًا وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ إلَى عَشَرَةٍ: أَيْ امْتِدَادُ مَا مِنْ هَذِهِ الِامْتِدَادَاتِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ إلَى عَشَرَةٍ، أَمَّا إنْ قُرِئَ بِإِضَافَةِ امْتِدَادٍ إلَى مَا فَالْمَعْنَى عَنْ امْتِدَادِ دَمٍ جُعِلَ بِوَصْفِ الِامْتِدَادِ عَلَامَةً فَإِنَّهُ نَفْسُهُ لَيْسَ عَلَامَةً بَلْ امْتِدَادُهُ أَوْ هُوَ بِوَصْفِ الِامْتِدَادِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ

(قَوْلُهُ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَقْعُدُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا». وَأَثْنَى الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَأَمَّا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ مُصَنَّفِي الْفُقَهَاءِ إنَّهُ ضَعِيفٌ فَمَرْدُودٌ عَلَيْهِمْ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى إعْلَالِ ابْنِ حِبَّانَ إيَّاهُ بِكَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ أَبِي سَهْلٍ الْخُرَاسَانِيِّ. قَالَ عَنْهُ: كَانَ يَرْوِي الْأَشْيَاءَ الْمَقْلُوبَاتِ فَيُجْتَنَبُ مَا انْفَرَدَ بِهِ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. قِيلَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: كَانَتْ تُؤْمَرُ أَنْ تَجْلِسَ إلَى الْأَرْبَعِينَ لِيَصِحَّ، إذْ لَا يَتَّفِقُ عَادَةُ جَمِيعِ أَهْلِ عَصْرِ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ.

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ وَقَّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» إلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَضَعَّفَهُ بِسَلَّامِ بْنِ سُلَيْمٍ الطَّوِيلِ. وَرُوِيَ هَذَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>