للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ تَزَوَّجَتْ جَازَ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: عَلَيْهَا وَعَلَى الذِّمِّيَّةِ الْعِدَّةُ) أَمَّا الذِّمِّيَّةُ فَالِاخْتِلَافُ فِيهَا نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي نِكَاحِهِمْ مَحَارِمَهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا كَانَ مُعْتَقَدُهُمْ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْمُهَاجِرَةُ فَوَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْفُرْقَةَ لَوْ وَقَعَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ فَكَذَا بِسَبَبِ التَّبَايُنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا هَاجَرَ الرَّجُلُ وَتَرَكَهَا لِعَدَمِ التَّبْلِيغِ. وَلَهُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ حَيْثُ وَجَبَتْ كَانَ فِيهَا حَقُّ بَنِي آدَمَ وَالْحَرْبِيُّ مُلْحَقٌ بِالْجَمَادِ حَتَّى كَانَ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ

فَإِنْ تَزَوَّجَتْ جَازَ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا) وَعَنْهُ لَا يَطَؤُهَا الزَّوْجُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، وَعَنْهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ (وَقَالَا عَلَيْهَا) أَيْ الْحَرْبِيَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مُهَاجِرَةً الْعِدَّةُ (وَعَلَى الذِّمِّيَّةِ الْعِدَّةُ. أَمَّا الذِّمِّيَّةُ فَالْخِلَافُ فِيهَا نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي نِكَاحِهِمْ مَحَارِمَهُمْ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي النِّكَاحِ) أَيْ الِاخْتِلَافِ الْمُشْبِهِ وَهُوَ عَيْنُ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ فِي بَابِ نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ وَذَلِكَ فِي دِينِهِمْ جَائِزٌ إلَى آخِرِهِ، أَوْ الْمُرَادُ كُلًّا مِنْ الِاخْتِلَافَيْنِ (وَأَمَّا الْمُهَاجِرَةُ فَوَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْفُرْقَةَ) لِمُسْلِمَةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (لَوْ وَقَعَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ) غَيْرِ التَّبَايُنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْمُطَاوَعَةِ وَالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ.

(وَجَبَتْ الْعِدَّةُ فَكَذَا بِسَبَبِ التَّبَايُنِ) وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْمُسْلِمَةِ لِيُتَّجَهَ خُصُوصُ هَذَا الدَّلِيلِ عَلَيْهِ فَهُوَ دَلِيلٌ يَخُصُّ الْخَارِجَةَ مُسْلِمَةً، وَلَوْ لَمْ يَخُصَّ بِهَا لَمْ تَظْهَرْ الْمُلَازَمَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْعِدَّةِ عَنْ طَلَاقِ الذِّمِّيِّ ذِمِّيَّةً إذَا كَانُوا يَدِينُونَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا هَاجَرَ الزَّوْجُ) مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا ثُمَّ صَارَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا (وَتَرَكَهَا) فَإِنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا هُنَاكَ إجْمَاعًا حَتَّى جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا كَمَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ (لِعَدَمِ تَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ) لَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالْعِدَّةِ لِمَا قَدَّمْنَا فِي بَابِ نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ أَنَّهَا حَقُّ الْآدَمِيِّ فَتُخَاطَبُ بِهَا.

وَقَوْلُهُ (وَلَهُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ بَعْدَ قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾، وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ لَا تَجُوزُ بِالظَّنِّيِّ وقَوْله تَعَالَى ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ فِي الْمُطَلَّقَاتِ، فَإِلْحَاقُ التَّبَايُنِ بِالطَّلَاقِ قِيَاسًا يُقَيِّدُهُ بِمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِالْقِيَاسِ، هَذَا وَالْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ تَعْتَدُّ كَالْمُسْلِمَةِ، وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تَجِبُ مَعَهَا الْعِدَّةُ عِنْدَ الْفُرْقَةِ كَمَا لَا يَجِبُ مَعَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>