للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تِلْكَ الْحَالَةِ ثُمَّ وَافَقَ الْإِنْزَالُ الْعَقْدَ، أَوْ احْتِمَالُ كَوْنِ الْحَمْلِ إذَا زَادَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِيَوْمٍ يَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِاسْتِبْعَادِ هَذَا الْفَرْضِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: لَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ بَلْ قِيَامُ الْفِرَاشِ كَافٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الدُّخُولِ بَلْ النِّكَاحُ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَمَا فِي تَزَوُّجِ الْمَشْرِقِيِّ بِمَغْرِبِيَّةٍ.

وَالْحَقُّ أَنَّ التَّصَوُّرَ شَرْطٌ، وَلِذَا لَوْ جَاءَتْ امْرَأَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَالتَّصَوُّرُ ثَابِتٌ فِي الْمَغْرِبِيَّةِ لِثُبُوتِ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَالِاسْتِخْدَامَات فَيَكُونُ صَاحِبُ خُطْوَةٍ أَوْ جِنِّيًّا، وَأَمَّا لُزُومُ الْمَهْرِ كَامِلًا فَلِأَنَّهُ لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ جُعِلَ وَاطِئًا حُكْمًا فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ. وَمَا قِيلَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ وَطْؤُهُ لِأَنَّ الْحَبَلَ قَدْ يَكُونُ بِإِدْخَالِ الْمَاءِ الْفَرْجَ دُونَ جِمَاعٍ فَنَادِرٌ، وَالْوَجْهُ الظَّاهِرُ هُوَ الْمُعْتَادُ. وَفِي النِّهَايَةِ وَفِي الْقِيَاسِ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ مَهْرٌ وَنِصْفٌ، أَمَّا النِّصْفُ فَلِلطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلِلدُّخُولِ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي عَلَى مَا نَقَلَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَجِبَ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فَوَجَبَ نِصْفُ الْمَهْرِ وَمَهْرٌ آخَرُ بِالدُّخُولِ، قَالَ: إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اسْتَحْسَنَ وَقَالَ: لَا يَجِبُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّا جَعَلْنَاهُ بِمَنْزِلَةِ الدُّخُولِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ فَتَأَكَّدَ ذَلِكَ الصَّدَاقُ وَاشْتَبَهَ وُجُوبُ الزِّيَادَةِ انْتَهَى. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لِلْمُتَأَمِّلِ لَا تُوجِبُ قَوْلَهُ بِلُزُومِ مَهْرٍ وَنِصْفٍ، بَلْ ظَاهِرَةٌ فِي نَفْيِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ فَلَا تُسَوَّغُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِذَلِكَ.

وَإِنَّمَا اشْتَبَهَ وُجُوبُ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لِأَنَّ الْوَطْءَ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ عِصْمَةٍ وَلَا عِدَّةٍ، بَلْ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مُقَارِنٌ لَهُ أَوْ لِلنِّكَاحِ، فَأَقَلُّ الْأَمْرِ كَوْنُهُ قَبْلَهُ أَوْ لَا مُشْتَبِهٌ ذَلِكَ وَضَمِيرُ " بِهِ " فِي قَوْلِهِ فَتَأَكَّدَ الْمَهْرُ بِهِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي ثُبُوتِ هَذَا النَّسَبِ إمْكَانَ الدُّخُولِ وَتَصَوُّرُهُ لَيْسَ إلَّا بِمَا ذَكَرَ مِنْ تَزَوُّجِهَا حَالَ وَطْئِهَا الْمُبْتَدَإِ بِهِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ وَقَدْ حُكِمَ فِيهِ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ فِي صَرِيحِ الرِّوَايَةِ يَلْزَمُ كَوْنُ مَا ذَكَرَ مُطْلَقًا وَمَنْسُوبًا وَقَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الْمَهْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ مَا يَطَؤُهَا عَلَيْهِ مَهْرَانِ: مَهْرٌ بِالزِّنَا لِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالتَّزَوُّجِ قَبْلَ تَمَامِهِ، وَمَهْرٌ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّ هَذَا أَكْثَرُ مِنْ الْخَلْوَةِ وَلَا يَصِيرُ بِهِ مُحْصِنًا مُشْكِلًا لِمُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ الْمَذْهَبِ، وَأَيْضًا الْفِعْلُ وَاحِدٌ، وَقَدْ اتَّصَفَ بِشُبْهَةِ الْحِلِّ فَيَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَنَسِيَ فَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا حَيْثُ يَجِبُ مَهْرٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الْوَطْءِ، أَمَّا هُنَا الطَّلَاقُ مَعَ الْوَطْءِ الْحَلَالِ فِي فِعْلٍ مُتَّحِدٍ فَصَارَ الْفِعْلُ كُلُّهُ لَهُ شُبْهَةُ الْحِلِّ وَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ فَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ.

وَفِي شَرْحِ أَبِي الْيُسْرِ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِمَا، قَالَ: قَدْ كُنْت أَفْتَيْت بِالْوُجُوبِ عَلَى الْحَالِفِ وَهُوَ الظَّاهِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>