لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ. وَلَهُ وَجْهٌ بِأَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ (فَإِنْ كَانَتْ الْمَبْتُوتَةُ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
كَوْنِهِ وَطْئًا بِشُبْهَةٍ، وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ ثَلَاثٍ لَا تَكُونُ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ فَكَيْفَ بِالْمُعْتَدَّةِ فَيَجِبُ الْجَمْعُ مَثَلًا بِأَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُصَرِّحَ بِدَعْوَى الشُّبْهَةِ الْمَقْبُولَةِ غَيْرَ مُجَرَّدِ شُبْهَةِ الْفِعْلِ، لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْحُدُودِ عَدَمُ ثُبُوتِ النَّسَبِ إذَا وَطِئَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَالْبَائِنَةَ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ، فَجُعِلَ هَذَا حُكْمَ وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إذَا جَاءَتْ بِهِ مُطْلَقًا فَيَثْبُتُ عِنْدَهُ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْهُ إلَّا إذَا ادَّعَى الشُّبْهَةَ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُجَرَّدِ ظَنِّ الْحِلِّ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بَلْ أَفَادَ ثُبُوتَ نَسَبِهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، غَيْرَ أَنَّ تَوْجِيهَ ذَلِكَ إمْكَانُ صِحَّتِهِ بِكَوْنِ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْكِتَابِ سِوَاهُ، ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى ثُبُوتِ الشُّبْهَةِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُجَرَّدِ ظَنِّ الْحِلِّ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فِيمَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ يُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ رِوَايَةُ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَيَجِبُ أَنْ تَرُدَّ نَفَقَتُهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفُ: لَا تَنْقَضِي إلَّا بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَلَا يَلْزَمُهَا رَدُّ شَيْءٍ. لَهُمَا أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ دُونَ الزِّنَا وَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَحَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَحِينَئِذٍ أَخَذَتْ مَالًا تَسْتَحِقُّهُ لِأَنَّهَا مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ فَتَرُدُّهُ. وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ هِيَ فِي الْعِدَّةِ وَلِذَا لَا تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهِ قَبْلَ وَضْعِهِ فَكَأَنَّهَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ.
وَلَوْ جَاءَتْ الْمَبْتُوتَةُ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اعْتَبَرَاهُ بِمَنْ بَاعَ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ فَادَّعَاهُمَا الْبَائِعُ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبَانَةِ فَيَتْبَعُهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ. قِيلَ: هُوَ الصَّوَابُ. وَلَيْسَ وَلَدُ الْجَارِيَةِ نَظِيرَهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ الثَّانِيَ يَجُوزُ كَوْنُهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ قَبْلَ بَيْعِهِ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ الثَّانِي فِي الْمَبْتُوتَةِ. وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَبَاقِيهِ لِأَكْثَرَ مِنْ السَّنَتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ نِصْفَ بَدَنِهِ، أَوْ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ أَكْثَرُ الْبَدَنِ لِأَقَلَّ وَالْبَاقِي لِأَكْثَرَ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ. وَفِي شَرْحِ التَّكْمِلَةِ: تَزَوَّجَ أَمَةً وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لِأَنَّهُ وَلَدُ النِّكَاحِ فِي الْأَوَّلِ، وَفِي الثَّانِي يُضَافُ إلَى مِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّ وَطْأَهَا حَلَالٌ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الطَّلْقَةُ بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيَّةً، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُ إلَى سَنَتَيْنِ لِأَنَّ وَطْأَهَا لَا يَحِلُّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَكَانَ الْوَلَدُ مِنْ النِّكَاحِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ طَلَّقَهَا ثُمَّ مَلَكَهَا وَأَنْ لَا يُتَصَوَّرَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ. وَاعْلَمْ أَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ وَلَدِ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنَةِ مُقَيَّدٌ بِأَحَدِ أُمُورٍ: أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ إمَّا شَهَادَةٌ بِالْوِلَادَةِ، أَوْ اعْتِرَافٌ مِنْ الزَّوْجِ بِالْحَبَلِ، أَوْ حَبَلٌ ظَاهِرٌ كَمَا سَيَجِيءُ عَنْ قَرِيبٍ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْمَبْتُوتَةُ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا إلَخْ) قِيلَ: هُوَ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ الْحَبَلَ دَلِيلُ أَنَّهُ يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَمَنْعَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute