وَهُوَ مُلْزِمٌ لِلنَّسَبِ وَالْحَاجَةُ إلَى تَعْيِينِ الْوَلَدِ أَنَّهُ مِنْهَا فَيَتَعَيَّنُ بِشَهَادَتِهَا كَمَا فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِإِقْرَارِهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَالْمُنْقَضِي لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ النَّسَبِ ابْتِدَاءً فَيُشْتَرَطُ كَمَالُ الْحُجَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ظَهَرَ الْحَبَلُ أَوْ صَدَرَ الِاعْتِرَافُ مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّ النَّسَبَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَالتَّعَيُّنَ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهَا (فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ فَصَدَّقَهَا الْوَرَثَةُ فِي الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوِلَادَةِ أَحَدٌ فَهُوَ ابْنُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِرْثِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِمْ فَيُقْبَلُ فِيهِ تَصْدِيقُهُمْ، أَمَّا فِي حَقِّ النَّسَبِ هَلْ يَثْبُتُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ. قَالُوا: إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ يَثْبُتُ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ وَلِهَذَا قِيلَ: تُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ لِأَنَّ الثُّبُوتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ تَبَعٌ لِلثُّبُوتِ فِي حَقِّهِمْ بِإِقْرَارِهِمْ، وَمَا ثَبَتَ تَبَعًا لَا يُرَاعَى فِيهِ الشَّرَائِطُ.
يَفْسُقُ كَمَا لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ.
وَفِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَأَجْمَعَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى بِالنَّسَبِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ قِيَامِ النِّكَاحِ، وَحَقِيقَةُ الْحَالِ أَنَّهُ يَثْبُتُ تَعْيِينُ الْوَلَدِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَالنَّسَبُ بِقِيَامِ الْفِرَاشِ. وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ الرَّجْعِيِّ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يُتَّجَهُ تَقْيِيدُ الْخِلَافِ بِالْبَائِنِ كَمَا نَقَلَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، وَيَكُونُ الرَّجْعِيُّ كَالْعِصْمَةِ الْقَائِمَةِ حَتَّى حَلَّ الْوَطْءُ وَدَوَاعِيهِ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَبِقَوْلِهِمَا قَالَ أَحْمَدُ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُشْتَرَطُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عُدُولٍ. وَعِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى امْرَأَتَانِ.
وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْفِرَاشَ قَائِمٌ بِقِيَامِ الْعِدَّةِ (وَهُوَ) أَيْ الْفِرَاشُ (مُلْزِمٌ لِلنَّسَبِ) فِيمَا تَأْتِي بِهِ كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ (وَالْحَاجَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute