وَقَالَ ﵊ «حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ» وَإِذَا وَجَبَ التَّطْهِيرُ بِمَا ذَكَرْنَا فِي الثَّوْبِ وَجَبَ فِي الْبَدَنِ وَالْمَكَانِ فَإِنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ يَشْمَلُ الْكُلَّ
(وَيَجُوزُ تَطْهِيرُهَا بِالْمَاءِ وَبِكُلِّ مَانِعٍ طَاهِرٍ يُمْكِنُ إزَالَتُهَا بِهِ كَالْخَلِّ وَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا إذَا عُصِرَ انْعَصَرَ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ
تَحَرَّكَ النَّجِسُ أَوْ لَا هُوَ الصَّحِيحُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي طَرَفِ عِمَامَتِهِ أَوْ مِنْدِيلِهِ الْمَقْصُودُ ثَوْبٌ هُوَ لَابِسُهُ فَأَلْقَى ذَلِكَ الطَّرَفَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَلَّى فَإِنَّهُ إنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِلَّا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بِتِلْكَ الْحَرَكَةِ يُنْسَبُ لِحَمْلِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِهَا فِي الْمَفْرُوشِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى مَا لَهُ بِطَانَةٌ مُتَنَجِّسَةٌ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى مَا يَلِي مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ مِنْ الطَّهَارَةِ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ جَوَابُ مُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ الْمُضْرَبِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ ثَوْبَيْنِ، وَجَوَابُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمِضْرَبِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ ﵀ فِي التَّجْنِيسِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمِضْرَبَ عَلَى الْخِلَافِ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ انْتَهَى.
وَلَوْ كَانَ لِبَدًا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَقَلَبَهُ وَصَلَّى عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا، وَلَوْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ وَفِي سَرْجِهَا أَوْ رِكَابِهَا نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ فَجَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا جَوَّزُوا لِمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ وَالدَّابَّةُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ: يَعْنِي أَنَّ بَاطِنَهَا مَحَلُّ النَّجَاسَةِ وَتُتْرَكُ عَلَيْهَا الْأَرْكَانُ وَهِيَ أَقْوَى مِنْ الشَّرَائِطِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَا عَلَى ظَاهِرِهَا إذْ لَا يَخْلُو مَخْرَجُهَا وَحَوَافِرُهَا وَقَوَائِمُهَا عَنْ النَّجَاسَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ ﷺ «حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ») عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵄ قَالَتْ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: إحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَنْضَحُهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ كَذَلِكَ، وَلَفْظُ اغْسِلِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ فِيهِ بَلْ فِي حَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ سَأَلَتْهُ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ فَقَالَ ﷺ «حُكِّيهِ بِضِلَعٍ وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَالْحَتُّ: الْقَشْرُ بِالْعُودِ وَالظُّفْرِ وَنَحْوِهِ، وَالْقَرْصُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ وَإِذَا وَجَبَ التَّطْهِيرُ بِمَا ذَكَرْنَا فِي الثَّوْبِ وَجَبَ فِي الْبَدَنِ وَالْمَكَانِ) بِطَرِيقِ أَوْلَى لِأَنَّهُمَا أَلْزَمُ لِلْمُصَلِّي مِنْهُ لِتَصَوُّرِ انْفِصَالِهِ بِخِلَافِهِمَا
(قَوْلُهُ مِمَّا إذَا عُصِرَ انْعَصَرَ) يُخْرِجُ الدُّهْنَ وَالزَّيْتَ وَاللَّبَنَ وَالسَّمْنَ، بِخِلَافِ الْخَلِّ وَمَاءِ الْبَاقِلَاءِ الَّذِي لَمْ يُثْخَنْ، فَفِي جَعْلِ الْأَوَّلِ