للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يُجَوِّزْ فِي الْبَدَنِ بِغَيْرِ الْمَاءِ.

(وَإِذَا أَصَابَ الْخُفَّ نَجَاسَةٌ لَهَا جِرْمٌ كَالرَّوْثِ وَالْعَذِرَةِ وَالدَّمِ وَالْمَنِيِّ فَجَفَّتْ فَدَلَّكَهُ بِالْأَرْضِ جَازَ) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ) وَهُوَ الْقِيَاسُ (إلَّا فِي الْمَنِيِّ خَاصَّةً) لِأَنَّ الْمُتَدَاخِلَ فِي الْخُفِّ لَا يُزِيلُهُ الْجَفَافُ وَالدَّلْكُ، بِخِلَافِ الْمَنِيِّ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.

وَلَهُمَا قَوْلُهُ «فَإِنْ كَانَ بِهِمَا أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا بِالْأَرْضِ فَإِنَّ الْأَرْضَ لَهُمَا طَهُورٌ» وَلِأَنَّ الْجِلْدَ لِصَلَابَتِهِ لَا تَتَدَاخَلُهُ أَجْزَاءُ النَّجَاسَةِ إلَّا قَلِيلًا

مَا اخْتَرْنَاهُ حَيْثُ قَالَ بِالْمَاءِ وَبِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ حَيْثُ أَخْرَجَ الْمَائِعَ النَّجِسَ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُجَوِّزْ فِي الْبَدَنِ بِغَيْرِ الْمَاءِ) لِأَنَّ حَرَارَةَ الْبَدَنِ جَاذِبَةٌ وَالْمَاءُ أُدْخِلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ. وَعَنْ طَهَارَةِ الْبَدَنِ بِغَيْرِ الْمَاءِ تُفَرَّعُ طَهَارَةُ الثَّدْيِ إذَا قَاءَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ ثُمَّ رَضَعَهُ حَتَّى أَزَالَ أَثَرَ الْقَيْءِ، وَكَذَا إذَا لَحِسَ أُصْبُعَهُ مِنْ نَجَاسَةٍ بِهَا حَتَّى ذَهَبَ الْأَثَرُ أَوْ شَرِبَ خَمْرًا ثُمَّ تَرَدَّدَ رِيقُهُ فِي فِيهِ مِرَارًا طَهُرَ حَتَّى لَوْ صَلَّى صَحَّتْ.

وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا تَصِحُّ، وَلَا يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ بِذَلِكَ لِعَدَمِ الْمَاءِ، وَكَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهِيَ اشْتِرَاطُ الْمَاءِ فِي الْعُضْوِ، وَأَمَّا الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُسَافِرِ إذَا أَصَابَ يَدَهُ نَجَاسَةٌ يَمْسَحُهَا بِالتُّرَابِ فَمُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ إنَّمَا جَوَّزَا مِثْلَهُ فِي الْخُفِّ وَالنَّعْلِ بِشَرْطِهِ، وَمُحَمَّدٌ خَالَفَهُمَا فَكَيْفَ يُتَّجَهُ ذَلِكَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِمَسْحِهِ تَقْلِيلًا لِلنَّجَاسَةِ حَالَةَ الِاشْتِغَالِ بِالسَّيْرِ فَلَا يُمْنَعُ لِتَخْفِيفِ الْجِرْمِ بِذَلِكَ ثُمَّ يَغْسِلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَلَهُمَا قَوْلُهُ ) رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلِهِ أَذًى أَوْ قَذَرًا فَلْيَمْسَحْهُ وَلِيُصَلِّ فِيهَا» وَخَرَّجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «إذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ الْأَذَى بِنَعْلِهِ أَوْ خُفَّيْهِ فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ» وَلَا تَفْصِيلَ فِيهِمَا بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْجَافِّ وَالْكَثِيفِ وَالرَّقِيقِ، فَأَعْمَلَ أَبُو يُوسُفَ إطْلَاقَهُ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>