نَفَقَةُ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلزَّوْجِ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْكِسْوَةُ لِأَنَّهَا اسْتَعْجَلَتْ عِوَضًا عَمَّا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ بِالِاحْتِبَاسِ، وَقَدْ بَطَلَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْمَوْتِ فَيَبْطُلُ الْعِوَضُ بِقَدْرِهِ كَرِزْقِ الْقَاضِي وَعَطَاءِ الْمُقَاتَلَةِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ صِلَةٌ وَقَدْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ وَلَا رُجُوعَ فِي الصِّلَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِانْتِهَاءِ حُكْمِهَا كَمَا فِي الْهِبَةِ، وَلِهَذَا لَوْ هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ اسْتِهْلَاكٍ لَا يُسْتَرَدُّ شَيْءٌ مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّهَا إذَا قَبَضَتْ نَفَقَةَ الشَّهْرِ أَوْ مَا دُونَهُ لَا يُسْتَرْجَعُ مِنْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ فَصَارَ فِي حُكْمِ الْحَالِ.
(وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ حُرَّةً فَنَفَقَتُهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ فِيهَا) وَمَعْنَاهُ إذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَقَدْ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ كَدَيْنِ التِّجَارَةِ فِي الْعَبْدِ التَّاجِرِ، وَلَهُ أَنْ يَفْدِيَ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ لَا فِي عَيْنِ الرَّقَبَةِ، فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَتْ، وَكَذَا إذَا قُتِلَ
عَنْهَا. وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ بَعْدَمَا مَضَى أَشْهُرٌ عَمَّا مَضَى وَعَمَّا يَسْتَقْبِلُ بَرِئَ عَمَّا مَضَى وَعَنْ شَهْرٍ (قَوْلُهُ وَمَا بَقِيَ لِلزَّوْجِ) فَتَرُدُّهُ، وَكَذَا تَرُدُّ قِيمَةَ الْمُسْتَهْلَكِ وَلَا تَرُدُّ قِيمَةَ الْهَالِكِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَالْمَوْتُ وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ، وَفِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ اخْتَلَفُوا، فَقِيلَ تَرُدُّ، وَقِيلَ لَا تَسْتَرِدُّ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَائِمَةٌ فِي مَوْتِهِ كَذَا فِي الْأَقْضِيَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ فِي الصِّلَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ) بِخِلَافِ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ، وَالنَّظَرُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ وَيُعْطِي لِمَنْ يَلِي بَعْدَهُ مِنْ الْقُضَاةِ.
(قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ) وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْهُ: لَا تَرُدُّ نَفَقَةَ الشَّهْرِ وَمَا دُونَهُ، فَلِهَذَا وَضَعَهَا فِي السُّنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهَا خِلَافٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَلِذَا لَوْ قَبَضَتْ نَفَقَةَ أَشْهُرٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْبَاقِي شَهْرٌ فَأَقَلُّ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ. وَفِي الذَّخِيرَةِ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ كَنَفَقَةِ النِّكَاحِ، فَلَوْ فَرَضَ لَهَا نَفَقَةً فِيهَا فَلَمْ تَقْبِضْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ. وَهَلْ يُقَاسُ عَلَى الْمَوْتِ؟ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: فِيهِ كَلَامٌ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى عَنْ الْحُلْوَانِيِّ قَالَ: الْمُخْتَارُ عِنْدِي لَا تَسْقُطُ. .
(قَوْلُهُ فَنَفَقَتُهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِهَا فَيُبَاعُ فِيهَا، فَإِذَا اشْتَرَاهُ مَنْ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ثُمَّ عَلِمَ فَرَضِيَ ظَهَرَ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَرَّةً أُخْرَى يُبَاعُ ثَانِيًا، وَكَذَا حَالُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهَلُمَّ جَرًّا. وَلَا يُبَاعُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَّا فِي دَيْنِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا تَتَجَدَّدُ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى حَسَبِ تَجَدُّدِ الزَّمَانِ عَلَى وَجْهٍ يَظْهَرُ فِي حَقِّ السَّيِّدِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ دَيْنٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِحَالِهِ أَوْ عَلِمَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَرْضَ فَلَهُ رَدُّهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَنْ الْمَوْلَى) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا مَهْرَ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَدَخَلَ بِهَا طُولِبَ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَرْضِ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ وَالْمَهْرُ وَلَا يُطَالَبْ الْمَوْلَى بِشَيْءٍ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ، وَلَوْ كَانَ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ وَلَدَ أُمِّ وَلَدٍ وَلَا يُبَاعُ بِالنَّفَقَةِ بِعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ، إلَّا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَجَزَ يُبَاعُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَبِلَ النَّقْلَ، هَذَا وَلَا نَفَقَةَ تَجِبُ لِوَلَدِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ لِأَنَّ أُمَّهُ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَالْوَلَدُ عَبْدٌ لِمَوْلَاهَا فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute