للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرِيكِ لِإِعْسَارِهِ وَلَا إلَى السِّعَايَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِجَانٍ وَلَا رَاضٍ بِهِ، وَلَا إلَى إعْتَاقِ الْكُلِّ لِلْإِضْرَارِ بِالسَّاكِتِ فَتَعَيَّنَ مَا عَيَّنَاهُ. قُلْنَا: إلَى الِاسْتِسْعَاءِ سَبِيلٌ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْجِنَايَةِ بَلْ تُبْتَنَى السِّعَايَةُ عَلَى احْتِبَاسِ الْمَالِيَّةِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْقُوَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالضَّعْفِ السَّالِبِ لَهَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ.

قَالَ (وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ سَعَى الْعَبْدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَصَارَ مُكَاتِبًا فِي زَعْمِهِ عِنْدَهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الِاسْتِرْقَاقُ فَيَصْدُقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ اسْتِرْقَاقِهِ

الشَّرِيكِ لِإِعْسَارِهِ وَلَا لِاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَانٍ وَلَا رَاضٍ بِهِ، وَلَا لِإِعْتَاقِ الْكُلِّ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِالسَّاكِتِ فَتَعَيَّنَ مَا عَيَّنَاهُ. قُلْنَا: نَخْتَارُ أَنْ يُسْتَسْعَى) قَوْلُهُ غَيْرُ جَانٍ إلَخْ. قُلْنَا: لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْجِنَايَةِ، بَلْ مَدَارُ لُزُومِهِ احْتِبَاسُ الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي صَبْغِ الثَّوْبِ الْمُطَارِ، وَقَدْ يُتَمَسَّكُ لَهُ بِمَا رُوِيَ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي قَوْلِهِ «فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَرَقَّ مَا رَقَّ». وَيُدْفَعُ بِأَنَّهَا كَمَا قَالَ أَهْلُ الشَّأْنِ ضَعِيفَةٌ مَكْذُوبَةٌ، وَلَوْ ثَبَتَ لَزِمَ كَوْنُ الْمُرَادِ بِالرِّقِّ فِيهَا الْمِلْكَ مَجَازًا لِامْتِنَاعِ اتِّصَافِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ بِالْقُوَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالضَّعْفِ السَّالِبِ لَهَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ.

وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا بَلْ بِقَوْلِهِ " عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ " كِفَايَةً، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتِقْ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ، إنْ لَمْ يَلْزَمْ بَقَاءُ الْبَاقِي رَقِيقًا يَلْزَمُ بَقَاؤُهُ مَمْلُوكًا وَالْمِلْكُ هُوَ الْمُطْلَقُ لِلتَّصَرُّفِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ قَوْلِهِ «فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اسْتَسْعَى غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» يُوجِبُ اسْتِسْعَاءَهُ عِنْدَ إعْسَارِهِ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّارِعِ مَعَ أَنَّ وَجْهَهُ مَا قَدَّمْنَا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ النَّافِينَ صِحَّةَ رِوَايَةِ الِاسْتِسْعَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا أَنَّهُ يُسْتَسْعَى إنْ اخْتَارَ ذَلِكَ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ غَيْرُ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ. وَالْأَوْجَهُ الِاسْتِدْلَال بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِهِ " لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ " فَإِنَّهُ يُفِيدُ تَنْجِيزَ الْعِتْقِ كُلِّهِ كَمَا قَالَا أَوْ عَدَمَ تَقَرُّرِهِ وَهُوَ الْأَوْلَى. وَإِذَا لَمْ يُقَرَّرْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْسِرِ لَزِمَ الِاسْتِسْعَاءُ وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ مَجَّانًا جَبْرًا بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، وَالِاسْتِسْعَاءُ بِلَا جِنَايَةٍ فِي الشَّرْعِ ثَابِتٌ كَمَا فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ الْمُعْسِرُ، وَلِأَنَّ الشَّرْعَ اضْطَرَّهُ إلَى فِكَاكِ رَقَبَتِهِ حَيْثُ حَكَمَ، وَلَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَادِ وَالْإِعْدَامِ بِنَفَاذِ عِتْقِ ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَأَنْ لَا يُقِرَّ الْبَاقِي فِي الْمِلْكِ وَلَا يُذْهِبَ مَالَ السَّاكِتِ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُخْتَارٍ فِيهِ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ هُوَ كَقَوْلِهِمَا فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ مِنْ أَصْحَابِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ سَعَى الْعَبْدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَعَتَقَ (وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَصَارَ) الْعَبْدُ بِذَلِكَ (مُكَاتَبًا لَهُ) أَيْ فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبِ (وَيَزْعُمُ أَنَّهُ حُرِّمَ عَلَيْهِ اسْتِرْقَاقُهُ فَيَصْدُقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ اسْتِرْقَاقِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>