للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا ضَمَانُ إفْسَادٍ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِمَا حَتَّى يَخْتَلِفَ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَيَسْقُطَ بِالرِّضَا، وَلَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ عَلَى السَّبَبِ، كَمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْآمِرِ وَلَا يَعْلَمُ الْآمِرُ بِمِلْكِهِ. .

يَكُنْ رِضًا بِإِعْتَاقِهِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا إيرَادُهُ عَلَى قَوْلِهِمَا هَكَذَا الْإِعْتَاقُ لَا يَتَجَزَّأُ عَلَى قَوْلِهِمَا فَإِعْتَاقُ الْبَعْضِ إعْتَاقُ الْكُلِّ، وَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُ الْكُلِّ إلَّا بِتَمَلُّكِ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَلَا يُمْلَكُ إلَّا بِالضَّمَانِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَمَلُّكٌ ضِمْنِيٌّ فَلَا تَوَجُّهَ لَهُ هُنَا.

(قَوْلُهُ وَهَذَا ضَمَانُ إفْسَادٍ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَوْنُهُ رَضِيَ بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ لَا يُوجِبُ إسْقَاطَ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ يَصِحُّ وَيَجِبُ الضَّمَانُ فَقَالَ ذَلِكَ فِي ضَمَانِ التَّمَلُّكِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ ضَمَانُ إفْسَادٍ، وَبَسْطُهُ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْعِتْقِ ضَمَانَانِ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ وَلَا يُسْقِطُهُ الرِّضَا بِسَبَبِهِ وَذَلِكَ ضَمَانُ الِاسْتِيلَادِ، فَلَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لَا يَسْقُطُ ضَمَانُهَا لَهُ، وَمِنْ حُكْمِ ضَمَانِ التَّمَلُّكِ أَيْضًا أَنَّهُ يَثْبُتُ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا ضَمَانَ الِاسْتِيلَادِ ضَمَانَ تَمَلُّكٍ لِأَنَّ وَضْعَ الِاسْتِيلَادِ لِطَلَبِ الْوَلَدِ وَهُوَ يَسْتَدْعِي التَّمَلُّكَ فَأَثْبَتْنَاهُ.

وَضَمَانُ إتْلَافٍ وَهُوَ ضَمَانُ الْإِعْتَاقِ، وَيُقَالُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّهُ لَا جِنَايَةَ فِي عِتْقِ الْإِنْسَانِ مَا يَمْلِكُهُ لِلَّهِ حَتَّى يُثَابَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُفْسِدُ بِهِ نَصِيبَ الشَّرِيكِ، فَصَحَّ أَنْ يُقَالَ ضَمَانُ إتْلَافٍ وَضَمَانُ إفْسَادٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ فِي هَذَا الْإِفْسَادِ نَعَمْ لَوْ قَصَدَ بِعِتْقِهِ قَصْدًا فَاسِدًا أَثِمَ بِهِ أَمَّا وَضْعُ الْعِتْقِ فَلَيْسَ مُقْتَضِيًا لُزُومَهُ، ثُمَّ كَوْنُ ضَمَانِ الْإِعْتَاقِ ضَمَانَ إتْلَافٍ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ عُلَمَائِنَا وَيَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّصِّ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، وَلَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بَيْنَ عِلْمِ الشَّرِيكِ بِالْإبْنِيَّةِ وَعَدَمِهَا.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّرِيكِ عَالِمًا بِالْإبْنِيَّةِ فَلَا يَضْمَنُ الْأَبُ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ فَنُضَمِّنُهُ، لِأَنَّ رِضَاهُ لَا يَتَحَقَّقُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا. وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِحَقِّهِ فِي التَّضْمِينِ مُبَاشَرَتُهُ لِسَبَبِ إسْقَاطِهِ فَلَا يَخْتَلِفُ بِعِلْمِهِ وَجَهْلِهِ، كَمَا إذَا أَطْعَمَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَالُهُ سَقَطَ تَضْمِينُهُ الْغَاصِبَ. وَالنَّظِيرُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ مَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْآمِرِ وَلَا يَعْلَمُ الْآمِرُ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْآكِلُ إذَا عَلِمَ مُسْتَقِيمٌ أَيْضًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ ضَمَانُ الْإِتْلَافِ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، أَلَّا يُرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ لَا يَتَقَيَّدُ ضَمَانُهُ بِكَوْنِهِ مُوسِرًا.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ أَسْلَفْت أَنَّ الْقِيَاسَ لَيْسَ إلَّا الِاسْتِسْعَاءُ لِأَنَّ الْعَبْدَ هُوَ مُحْتَبَسُ حَقِّ السَّاكِتِ وَالْمَذْكُورُ هُنَا أَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>