حَتَّى جُعِلَ الْغَصْبُ ضَمَانَ مُعَاوَضَةٍ عَلَى أَصْلِنَا، وَأَمْكَنَ ذَلِكَ فِي التَّدْبِيرِ لِكَوْنِهِ قَابِلًا لِلنَّقْلِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَقْتَ التَّدْبِيرِ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ مُكَاتَبٌ أَوْ حُرٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمَكَاتِبِ بِفَسْخِهِ حَتَّى يَقْبَلَ الِانْتِقَالَ
وَجَبَ فِي تَحْقِيقِ الْمُعَادَلَةِ أَنْ يَمْلِكَ مُعْطِيهِ وَهُوَ الضَّامِنُ مَا دَفَعَ بَدَلَهُ، فَحَيْثُ أَمْكَنَ هَذَا لَا يَعْدِلُ عَنْهُ (وَلِهَذَا كَانَ ضَمَانُ الْغَصْبِ ضَمَانَ مُعَاوَضَةٍ عَلَى أَصْلِنَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ حَيْثُ جَعَلَهُ ضَمَانَ إتْلَافٍ، فَإِذَا جَعَلَ الضَّمَانَ فِيمَا هُوَ عُدْوَانٌ ضَمَانَ مُعَاوَضَةٍ فَفِي الْعِتْقِ وَشُعَبِهِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَنَحْوِهِ أَوْلَى، وَهَذَا يُحَقِّقُ مَا ذَكَرْت لَك فِي قَوْلِهِمْ ضَمَانُ جِنَايَةٍ. وَالدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ إيَّاهُ ضَمَانَ جِنَايَةٍ مَا فِي قَاضِي خَانْ: لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ وَقَضَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ عَادَ فَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ مُرَابَحَةً عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّاهَا، وَالْمُرَابَحَةُ مَخْصُوصَةٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ مُدَبَّرًا فَاكْتَسَبَ عِنْدَهُ أَكْسَابًا ثُمَّ أَبَقَ وَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ كَانَتْ الْأَكْسَابُ لِلْغَاصِبِ لِصَيْرُورَتِهِ مِلْكًا لَهُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةُ إقْرَارِ الْمَأْذُونِ بِالْغَصْبِ فِي الْحَالِ مَعَ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْإِتْلَافَاتِ مُؤَخَّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِذَا وَجَبَ أَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْ ضَمَانِ الْمُعَاوَضَةِ مَا أَمْكَنَ وَجَبَ هُنَا لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ (لِكَوْنِهِ) أَيْ نَصِيبِ السَّاكِتِ (قَابِلًا لِلنَّقْلِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ) فِي الْمَضْمُونِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ فَامْتَنَعَ جَعْلُ الْعِتْقِ الْكَائِنِ بَعْدَهُ سَبَبًا لِضَمَانِ الْمُعَاوَضَةِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (عِنْدَ ذَلِكَ مُدَبَّرٌ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حُرٌّ (أَوْ مُكَاتَبٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمَكَاتِبِ بِفَسْخِهِ حَتَّى يَقْبَلَ الِانْتِقَالَ).
فَقَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ وَلَدُ الْمُصَنِّفِ: هُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute