وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا لِمَا قُلْنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا لِمَا نُبَيِّنُ (وَلَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ ثُمَّ جَامَعَ إحْدَاهُمَا) لَمْ تَعْتِقْ الْأُخْرَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀. وَقَالَا تَعْتِقُ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ وَإِحْدَاهُمَا حُرَّةٌ فَكَانَ بِالْوَطْءِ مُسْتَبْقِيًا الْمِلْكَ فِي الْمَوْطُوءَةِ فَتَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِزَوَالِهِ بِالْعِتْقِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَلَهُ أَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ فِي الْمَوْطُوءَةِ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي الْمُنَكَّرَةِ وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ فَكَانَ وَطْؤُهَا حَلَالًا فَلَا يُجْعَلُ بَيَانًا وَلِهَذَا حَلَّ وَطْؤُهُمَا عَلَى مَذْهَبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْتِي بِهِ،
قَالُوا: ذِكْرُهُ الْإِقْبَاضَ تَوْكِيدٌ لَا لِلشَّرْطِ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْبَيَانَ بِاعْتِبَارِ دَلَالَةِ تَصَرُّفٍ مُخْتَصٍّ بِالْمِلْكِ وَلِأَنَّ الْمُسَاوَمَةَ إذَا عَيَّنَتْ الْآخَرَ وَلَيْسَ فِيهَا خُرُوجٌ عَنْ الْمِلْكِ فَعَقْدُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ أَدْخَلُ فِي طَرِيقِ الْمِلْكِ أَوْلَى أَنْ يُعَيِّنَهُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا) يَعْنِي تَطْلُقُ الْحَيَّةُ (لِمَا قُلْنَا) فِي الْعِتْقِ مِنْ عِتْقِ الْبَاقِي بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لِعَدَمِ مَحَلِّيَّةِ الْعِتْقِ (وَكَذَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ تَطْلُقُ الْأُخْرَى لِمَا نُبَيِّنُ) فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَتَيْنِ الَّتِي تَلِيهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ ثُمَّ جَامَعَ إحْدَاهُمَا) وَلَمْ تَعْلَقْ (لَمْ تَعْتِقْ الْأُخْرَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، أَمَّا لَوْ عَلِقَتْ عَتَقَتْ الْأُخْرَى اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا مُدَبَّرَةٌ ثُمَّ وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَا يَكُونُ بَيَانًا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُزِيلُ مِلْكَ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (وَقَالَا تَعْتِقُ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ (لَهُمَا أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي مِلْكٍ) وَإِحْدَاهُمَا لَيْسَتْ فِي الْمِلْكِ لِعِتْقِ إحْدَاهُمَا بِذَلِكَ الْكَلَامِ، وَلِذَا لَوْ قَتَلَهُمَا إنْسَانٌ وَجَبَ نِصْفُ دِيَةٍ وَقِيمَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَكَانَ بِوَطْءِ إحْدَاهُمَا مُبَيِّنًا لِلْمُسْتَبْقَى لِمِلْكِهَا (فَتَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِزَوَالِهِ بِذَلِكَ الْعِتْقِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ) الْمُبْهَمِ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا أَوْ دَخَلَ فَقَالَ: طَالِقٌ بَائِنٌ أَوْ ثَلَاثًا فَوَطِئَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ الْأُخْرَى اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الطَّلَاقَ بِمَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَا يَكُونُ الْوَطْءُ بَيَانًا لِطَلَاقِ الْأُخْرَى لِحِلِّ وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ وَهَلْ يَثْبُتُ الْبَيَانُ فِي الطَّلَاقِ بِالْمُقَدِّمَاتِ؟ فِي الزِّيَادَاتِ لَا يَثْبُتُ.
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يَحْصُلُ بِالتَّقْبِيلِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ (وَلَهُ أَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ فِيهِمَا) جَمِيعًا حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute