بَابُ الِاسْتِيلَادِ
(وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ مَوْلَاهَا فَقَدْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تَمْلِيكُهَا) لِقَوْلِهِ ﵊ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» أَخْبَرَ عَنْ إعْتَاقِهَا فَيَثْبُتُ بَعْضُ مَوَاجِبِهِ وَهُوَ حُرْمَةُ الْبَيْعِ،
لَمَّا اشْتَرَكَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقْدِ وَتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ وَصَلَ بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا كَانَ التَّدْبِيرُ أَنْسَبَ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِتْقَ بِهِ بِإِيجَابِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ. وَالِاسْتِيلَادُ مَصْدَرُ اسْتَوْلَدَ: أَيْ طَلَبَ الْوَلَدَ، وَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ خُصُوصٌ، وَهُوَ طَلَبُ وَلَدِ أَمَتِهِ: أَيْ اسْتِلْحَاقِهِ: أَيْ بَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ هَذَا الِاسْتِلْحَاقِ الثَّابِتَةِ فِي الْأُمِّ، وَأَصْلُهُ اسْتِوْلَادٌ، وَمِثْلُهُ يَجِبُ قَلْبُ وَاوِهِ يَاءً كَمِيعَادٍ وَمِيزَانٍ وَمِيقَاتٍ فَصَارَ اسْتِيلَادًا، وَأُمُّ الْوَلَدِ تَصْدُقُ لُغَةً عَلَى الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَغَيْرِ ثَابِتِ النَّسَبِ.
وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ الْأَمَةُ الَّتِي ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِك كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ مَوْلَاهَا فَقَدْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) يَعْنِي إذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَيْسَ وِلَادَتُهَا مِنْهُ مُسْتَلْزِمًا ثُبُوتَهُ، فَفِي الْعِبَارَةِ قُصُورٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِالْمَفْهُومِ اللُّغَوِيِّ بَلْ بِالِاصْطِلَاحِ الْفِقْهِيِّ، وَلِذَا رَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامَ الْمَذْكُورَةَ حَيْثُ قَالَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تَمْلِيكُهَا وَلَا هِبَتُهَا، بَلْ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُنْجِزْ عِتْقَهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا تَسْعَى لِغَرِيمٍ وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute