للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ دَخَلَ صُفَّةً حَنِثَ) لِأَنَّهَا تُبْنَى لِلْبَيْتُوتَةِ فِيهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَصَارَ كَالشَّتْوِيِّ وَالصَّيْفِيِّ. وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ الصُّفَّةُ ذَاتَ حَوَائِطَ أَرْبَعَةٍ، وَهَكَذَا كَانَتْ صِفَافُهُمْ. وَقِيلَ الْجَوَابُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ حَنِثَ) لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، يَقُولُ دَارٌ عَامِرَةٌ، وَقَدْ شَهِدَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ

﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ وَكَذَا بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ وَبَيْتُ الْحَمَامِ، وَلَكِنْ إذَا أُطْلِقَ الْبَيْتُ فِي الْعُرْفِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا يُبَاتُ فِيهِ عَادَةً فَدَخَلَ الدِّهْلِيزُ إذَا كَانَ كَبِيرًا بِحَيْثُ يُبَاتُ فِيهِ لِأَنَّ مِثْلَهُ يُعْتَادُ بَيْتُوتَةً لِلضُّيُوفِ فِي بَعْضِ الْقُرَى وَفِي الْمُدُنِ يَبِيتُ فِيهِ بَعْضُ الْأَتْبَاعِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَيَحْنَثُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ إذَا أُغْلِقَ الْبَابُ صَارَ دَاخِلًا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ الدَّارِ وَلَهُ سِعَةٌ يَصْلُحُ لِلْمَبِيتِ مُسَقَّفٌ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ، وَعَلَى هَذَا يَحْنَثُ بِالصُّفَّةِ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا أَرْبَعُ حَوَائِطَ كَمَا هِيَ صِفَافُ الْكُوفَةِ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُسَقَّفًا كَمَا هِيَ صِفَافُ دِيَارِنَا لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مُفَتَّحه وَاسِعٌ، وَكَذَا الظُّلَّةُ إذَا كَانَ مَعْنَاهَا مَا هُوَ دَاخِلُ الْبَابِ مُسَقَّفًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَابَاطًا وَهُوَ مَا عَلَى ظَاهِرِ الْبَابِ فِي الشَّارِعِ مِنْ سَقْفٍ لَهُ جُذُوعٌ أَطْرَافُهَا عَلَى جِدَارِ الْبَابِ وَأَطْرَافُهَا الْأُخْرَى عَلَى جِدَارِ الْجَارِ الْمُقَابِلِ لَهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّ السَّقْفَ لَيْسَ شَرْطًا فِي مُسَمَّى الْبَيْتِ فَيَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدِّهْلِيزُ مُسَقَّفًا.

(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ حَنِثَ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لِلْعَرْصَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَيُقَالُ دَارٌ عَامِرَةٌ وَدَارٌ غَيْرُ عَامِرَةٍ فِي الْعَجَمِ وَالْعَرَبِ، وَقَدْ شَهِدَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ) قَالَ نَابِغَةُ ذُبْيَانَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ مُعَاوِيَةَ:

يَا دَارَ مَيَّةَ بِالْعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ … أَقْوَتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الْأَبَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>