(وَأَوَّلُ وَقْتِ الْوَتْرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَآخِرُهُ مَا لَمْ يَطْلُعْ الْفَجْرُ) لِقَوْلِهِ ﵊ فِي الْوَتْرِ «فَصَلُّوهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ» قَالَ ﵁: هَذَا عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَقْتُهُ وَقْتُ الْعِشَاءِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّذَكُّرِ لِلتَّرْتِيبِ.
فَجَعَلَهَا لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ» وَسَيَأْتِي تَمَامُ مَا تَيَسَّرَ فِيهِ فِي بَابِ الْوَتْرِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.
وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ دَلِيلُهُمَا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّذَكُّرِ لِلتَّرْتِيبِ) فَلَوْ قَدَّمَ نَاسِيًا لَا يُعِيدُ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ نَامَ فَقَامَ تَوَضَّأَ فَصَلَّى الْوَتْرَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ يُعِيدُهَا دُونَ الْوِتْرِ فِيهِمَا وَعِنْدَهُمَا يُعِيدُهُمَا.
وَمَنْ لَا يُوجَدُ عِنْدَهُمْ وَقْتُ الْعِشَاءِ كَمَا قِيلَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ عِنْدَهُمْ، أَفْتَى الْبَقَّالِيُّ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ السَّبَبِ، وَهُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْكَنْزِ كَمَا يَسْقُطُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مِنْ الْوُضُوءِ عَنْ مَقْطُوعِهِمَا مِنْ الْمَرْفِقَيْنِ، وَأَنْكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ ثُمَّ وَافَقَهُ، وَأَفْتَى الْإِمَامُ الْبُرْهَانِيُّ الْكَبِيرُ بِوُجُوبِهَا، وَلَا يَرْتَابُ مُتَأَمِّلٌ فِي ثُبُوتِ الْفَرْقِ بَيْنَ عَدَمِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَبَيْنَ سَبَبِهِ الْجَعْلِيِّ الَّذِي جُعِلَ عَلَامَةً عَلَى الْوُجُوبِ الْخَفِيِّ الثَّابِتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَجَوَازِ تَعَدُّدِ الْمُعَرِّفَاتِ لِلشَّيْءِ، فَانْتِفَاءُ الْوَقْتِ انْتِفَاءُ الْمُعَرِّفِ، وَانْتِفَاءُ الدَّلِيلِ عَلَى شَيْءٍ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءً لِجَوَازِ دَلِيلٍ آخَرَ وَقَدْ وُجِدَ، وَهُوَ مَا تَوَاطَأَتْ أَخْبَارُ الْإِسْرَاءِ مِنْ فَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى الصَّلَاةَ خَمْسًا بَعْدَ مَا أُمِرُوا أَوَّلًا بِخَمْسِينَ ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى الْخَمْسِ شَرْعًا عَامًّا لِأَهْلِ الْآفَاقِ، لَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ قُطْرٍ وَقُطْرٍ وَمَا رُوِيَ «ذَكَرَ الدَّجَّالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُلْنَا مَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَيَكْفِينَا صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: لَا اُقْدُرُوا لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَقَدْ أَوْجَبَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ عَصْرٍ قَبْلَ صَيْرُورَةِ الظِّلِّ مَثَلًا أَوْ مِثْلَيْنِ، وَقِسْ عَلَيْهِ، فَاسْتَفَدْنَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ خَمْسٌ عَلَى الْعُمُومِ، غَيْرَ أَنَّ تَوْزِيعَهَا عَلَى تِلْكَ الْأَوْقَاتِ عِنْدَ وُجُودِهَا، وَلَا يَسْقُطُ بِعَدَمِهَا الْوُجُوبُ، وَكَذَا قَالَ ﷺ «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ» ثُمَّ هَلْ يَنْوِي الْقَضَاءَ؟ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْوِي الْقَضَاءَ لِفَقْدِ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَمَنْ أَفْتَى بِوُجُوبِ الْعِشَاءِ يَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ الْوِتْرُ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute