(وَمَنْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ إنْ بِعْته فَبَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَتَقَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالْمِلْكُ فِيهِ قَائِمٌ فَيَنْزِلُ الْجَزَاءُ
جَعْلِهَا فِيهِمَا لِلتَّعْلِيلِ: أَيْ بِعْته لِأَجَلِك فَهِيَ أَيْضًا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ عَلَى مَا ذَكَرُوا، لَكِنَّ الْوَجْهَ الظَّاهِرَ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَنَّهُ إذَا وَلِيَتْ اللَّامُ الْفِعْلَ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَفْعُولِ نَحْوُ بِعْت لَك هَذَا كَانَتْ لِلتَّعْلِيلِ.
وَوَجْهُ إفَادَتِهَا الِاخْتِصَاصُ هُوَ أَنَّهَا تَضْعِيفٌ مُتَعَلِّقُهَا لِمَدْخُولِهَا وَمُتَعَلِّقُهَا الْفِعْلُ وَمَدْخُولُهَا كَافُّ الْمُخَاطَبِ، فَتُفِيدُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ مُخْتَصٌّ بِالْفِعْلِ، وَكَوْنُهُ مُخْتَصًّا بِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ إطْلَاقُ فِعْلِهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِأَمْرِهِ، وَإِذَا بَاعَ بِأَمْرِهِ كَانَ بَيْعُهُ إيَّاهُ مِنْ أَجْلِهِ وَهِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ فَصَارَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ أَجْلِهِ، فَإِذَا دَسَّ الْمُخَاطَبُ ثَوْبَهُ بِلَا عِلْمِهِ فَبَاعَهُ لَمْ يَكُنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْعِلْمِ بِأَمْرِهِ بِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَوْنُ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا النِّيَابَةُ كَالصِّيَاغَةِ نَحْوُ إنْ صُغْت لَك خَاتَمًا، وَكَذَا إنْ خِطْت لَك وَإِنْ بَنَيْت لَك بَيْتًا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك حَيْثُ يَحْنَثُ إذَا بَاعَ ثَوْبًا مَمْلُوكًا لِلْمُخَاطَبِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ يُوجَدُ مَعَ أَمْرِهِ وَعَدَمِ أَمْرِهِ وَهُوَ بَيْعُ ثَوْبٍ مُخْتَصٍّ بِالْمُخَاطَبِ لِأَنَّ اللَّامَ هُنَا أَقْرَبُ إلَى الِاسْمِ الَّذِي هُوَ الثَّوْبُ مِنْهُ لِلْفِعْلِ، وَالْقُرْبُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ فَيُوجِبُ إضَافَتُهَا الثَّوْبَ إلَى مَدْخُولِهَا عَلَى مَا سَبَقَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَلِيَتْ فِعْلًا لَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ مِثْلُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَضَرْبِ الْغُلَامِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ، فَلَوْ قَالَ إنْ أَكَلْت لَك طَعَامًا أَوْ طَعَامًا لَك أَوْ شَرِبْت لَك شَرَابًا أَوْ شَرَابًا لَك أَوْ ضَرَبْت لَك غُلَامًا أَوْ غُلَامًا لَك أَوْ دَخَلْت لَك دَارًا أَوْ دَارًا لَك فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِ دَارٍ يَخْتَصُّ بِهَا الْمُخَاطَبُ: أَيْ تُنْسَبُ إلَيْهِ وَأَكْلِ طَعَامٍ يَمْلِكُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ دُونَهُمَا.
ثُمَّ ذَكَرَ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُلَامِ الْوَلَدُ لِأَنَّ ضَرْبَ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ وَالْوَكَالَةَ فَكَانَ كَالْإِجَارَةِ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ وَقَالَ قَاضِي خَانْ الْمُرَادُ بِهِ الْعَبْدُ لِلْعُرْفِ، وَلِأَنَّ الضَّرْبَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ وَلَا يَلْزَمُ وَمَحَلُّ الضَّرْبِ يُمْلَكُ بِهِ فَانْصَرَفَ اللَّامُ إلَى مَا يُمْلَكُ لَا إلَى مَا لَا يُمْلَكُ
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ إنْ بِعْته فَبَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَتَقَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَ) الْفَرْضُ أَنَّ (الْمِلْكَ فِيهِ قَائِمٌ) لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ لَا يُوجِبُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ (فَيَنْزِلُ الْجَزَاءُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute