للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ قَدْ يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا غَيْرُهَا مِنْ الْمَحَارِمِ الَّتِي فِي بَيْتِهَا، وَكَذَا إذَا كَانَ أَعْمَى لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ بِالسُّؤَالِ وَغَيْرِهِ، إلَّا إنْ كَانَ دَعَاهَا فَأَجَابَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ وَقَالَتْ: أَنَا زَوْجَتُك فَوَاقَعَهَا لِأَنَّ الْإِخْبَارَ دَلِيلٌ

(وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فَوَطِئَهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَلَكِنْ يُوجَعُ عُقُوبَةً إذَا كَانَ عَلِمَ بِذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ فَيَلْغُو كَمَا إذَا أُضِيفَ إلَى الذُّكُورِ، وَهَذَا لِأَنَّ مَحَلَّ التَّصَرُّفِ مَا يَكُونُ مَحَلًّا لِحُكْمِهِ، وَحُكْمُهُ الْحِلُّ وَهِيَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ مَحَلَّهُ لِأَنَّ مَحَلَّ التَّصَرُّفِ مَا يُقْبَلُ مَقْصُودُهُ، وَالْأُنْثَى مِنْ بَنَاتِ آدَمَ قَابِلَةٌ لِلتَّوَالُدِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ،

شُبْهَةُ الْحِلِّ وَلَا شُبْهَةَ هَاهُنَا أَصْلًا سِوَى أَنْ وَجَدَهَا عَلَى فِرَاشِهِ، وَمُجَرَّدُ وُجُودِ امْرَأَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ لَا يَكُونُ دَلِيلَ الْحِلِّ لِيَسْتَنِدَ الظَّنُّ إلَيْهِ (وَهَذَا لِأَنَّهُ قَدْ يَنَامُ عَلَى الْفِرَاشِ غَيْرُ الزَّوْجَةِ) مِنْ حَبَائِبِهَا الزَّائِرَاتِ لَهَا وَقَرَابَاتِهَا فَلَمْ يَسْتَنِدْ الظَّنُّ إلَى مَا يَصْلُحُ دَلِيلَ حِلٍّ، فَكَانَ كَمَا لَوْ ظَنَّ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِلْخِدْمَةِ وَالْمُودَعَةَ حَلَالًا فَوَطِئَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ.

قَالَ (وَكَذَا إذَا كَانَ أَعْمَى) لِأَنَّ الْوُجُودَ عَلَى الْفِرَاشِ كَمَا ذَكَرْنَا لَيْسَ صَالِحًا لِاسْتِنَادِ الظَّنِّ إلَيْهِ (وَغَيْرَهُ) مِثْلُ مَا يَحْصُلُ بِالنِّعْمَةِ وَالْحَرَكَاتِ الْمَأْلُوفَةِ فَيُحَدُّ أَيْضًا (إلَّا إذَا دَعَاهَا فَأَجَابَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ وَقَالَتْ أَنَا زَوْجَتُك فَوَاقَعَهَا لِأَنَّ الْإِخْبَارَ دَلِيلٌ) وَجَازَ تَشَابُهُ النَّغْمَةِ خُصُوصًا لَوْ لَمْ تَطُلْ الصُّحْبَةُ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقَالَتْ: أَنَا زَوْجَتُك لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَقُلْهُ بَلْ اقْتَصَرَتْ عَلَى الْجَوَابِ بِنَعَمْ وَنَحْوِهِ فَوَطِئَهَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَالُ مُتَوَسِّطًا فِي اطْمِئْنَانِ النَّفْسِ إلَى أَنَّهَا هِيَ

(قَوْلُهُ وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا) بِأَنْ كَانَتْ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهِ بِنَسَبٍ كَأُمِّهِ أَوْ ابْنَتِهِ (فَوَطِئَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَزُفَرَ، وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَهْرُ وَيُعَاقَبُ عُقُوبَةً هِيَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ التَّعْزِيرِ سِيَاسَةً لَا حَدًّا مُقَدَّرًا شَرْعًا إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لَا حَدَّ وَلَا عُقُوبَةَ تَعْزِيرٍ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ) وَكَذَا مَالِكٌ وَأَحْمَدُ (يَجِبُ الْحَدُّ إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ) وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُوَسَّطَ الضَّمِيرُ الْمُنْفَصِلُ فَيَقُولَ وَقَالَا هُمَا وَالشَّافِعِيُّ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>