الْوَصْفُ.
(وَمَنْ حَدَّهُ الْإِمَامُ أَوْ عَزَّرَهُ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ بِأَمْرِ الشَّرْعِ، وَفِعْلُ الْمَأْمُورِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْفِصَادِ وَالْبَزَّاغِ، بِخِلَافِ الزَّوْجِ إذَا عَزَّرَ زَوْجَتَهُ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فِيهِ، وَالْإِطْلَاقَاتُ تَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ خَطَأٌ فِيهِ، إذْ التَّعْزِيرُ لِلتَّأْدِيبِ غَيْرَ أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ نَفْعَ عَمَلِهِ يَرْجِعُ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ الْغُرْمُ فِي مَالِهِمْ. قُلْنَا لَمَّا اسْتَوْفَى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى بِأَمْرِهِ صَارَ كَأَنَّ اللَّهَ أَمَاتَهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ. .
الْوَصْفُ) وَهُوَ شِدَّةُ الضَّرْبِ، وَلِأَنَّ الشُّرْبَ يَنْتَظِمُ الْقَذْفَ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ ﵁: إذَا شَرِبَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى فَيَجْتَمِعُ عَلَى الشَّارِبِ حَدُّ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ فَيَزْدَادُ الْعَدَدُ نَظَرًا إلَى الْمَظِنَّةِ فَلَا يُغَلَّظُ بِالشِّدَّةِ.
فَأَشَدُّهَا التَّعْزِيرُ وَأَخَفُّهَا حَدُّ الْقَذْفِ. وَعِنْدَ أَحْمَدَ أَشَدُّ الضَّرْبِ حَدُّ الزِّنَا ثُمَّ حَدُّ الْقَذْفِ ثُمَّ التَّعْزِيرُ. وَقَالَ مَالِكٌ: الْكُلُّ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكُلِّ وَاحِدٌ. ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّهُ يُحَدُّ وَيُعَزَّرُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: يُضْرَبُ فِي التَّعْزِيرِ قَائِمًا عَلَيْهِ ثِيَابُهُ، وَيُنْزَعُ الْحَشْوُ وَالْفَرْوُ وَلَا يُمَدُّ فِي التَّعْزِيرِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ حَدَّهُ الْإِمَامُ أَوْ عَزَّرَهُ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يَضْمَنُ ثُمَّ فِي قَوْلٍ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ نَفْعَ عَمَلِهِ يَرْجِعُ إلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ الْغُرْمُ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِسَبَبٍ عَمِلَهُ لَهُمْ عَلَيْهِمْ، وَفِي قَوْلٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ لِأَنَّ أَصْلَ التَّعْزِيرِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَجَبَ فَالضَّرْبُ غَيْرُ مُتَعَيِّنِ فِي التَّعْزِيرِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ مُبَاحًا فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَيَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَهَذَا يَخُصُّ التَّعْزِيرَ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْإِمَامَ مَأْمُورٌ بِالْحَدِّ وَالتَّعْزِيرُ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الِانْزِجَارِ لَهُ فِي التَّعْزِيرِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَفِعْلُ الْمَأْمُورِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَمَا فِي الْفِصَادِ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْفِعْلِ وَإِلَّا عُوقِبَ، وَالسَّلَامَةُ خَارِجَةٌ عَنْ وُسْعِهِ، إذْ الَّذِي فِي وُسْعِهِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِسَبَبِهَا الْقَرِيبِ، وَهُوَ بَيْنَ أَنْ يُبَالِغَ فِي التَّخْفِيفِ فَلَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ بِهِ عَنْهُ، أَوْ يَفْعَلَ مَا يَقَعُ زَاجِرًا وَهُوَ مَا هُوَ مُؤْلِمٌ زَاجِرٌ، وَقَدْ يَتَّفِقُ أَنْ يَمُوتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute