للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا قَطْعَ فِيمَا يُوجَدُ تَافِهًا مُبَاحًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْخَشَبِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَالسَّمَكِ وَالطَّيْرِ وَالصَّيْدِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْمَغَرَةِ وَالنُّورَةِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ «عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ الْيَدُ لَا تُقْطَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ»، أَيْ الْحَقِيرِ، وَمَا يُوجَدُ جِنْسُهُ مُبَاحًا، فِي الْأَصْلِ بِصُورَتِهِ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ حَقِيرٌ تَقِلُّ الرَّغَبَاتُ فِيهِ

بَيَانِ السَّرِقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا (قَوْلُهُ لَا قَطْعَ فِيمَا يُوجَدُ تَافِهًا مُبَاحًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ إذَا سُرِقَ مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ أُخِذَ وَأُحْرِزَ وَصَارَ مَمْلُوكًا.

التَّافِهُ وَالتَّفَهُ: الْحَقِيرُ الْخَسِيسُ مِنْ بَابِ لَبِسَ (كَالْخَشَبِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَالسَّمَكِ وَالطَّيْرِ وَالصَّيْدِ) بَرِّيًّا أَوْ بَحْرِيًّا (وَالزِّرْنِيخِ وَالْمَغَرَةِ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ: الطِّينُ الْأَحْمَرُ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا (وَالنُّورَةِ) (قَوْلُهُ الْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ ) هُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ. وَمُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمْ يَكُنْ السَّارِقُ يُقْطَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ». زَادَ فِي مُسْنَدِهِ: «وَلَمْ يُقْطَعْ فِي أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ».

وَرَوَاهُ مُرْسَلًا أَيْضًا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامٍ بِهِ، وَكَذَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مُسْنَدًا أَخْرَجَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَبِيصَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَلَمْ يَقُلْ فِي عَبْدِ اللَّهِ هَذَا شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَرَ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ كَلَامًا فَذَكَرْتُهُ لِأُبَيِّنَ أَنَّ فِي رِوَايَاتِهِ نَظَرًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمُرْسَلَاتِ كُلَّهَا حُجَّةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَصْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُتَابَعَةِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (مَا يُوجَدُ جِنْسُهُ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ بِصُورَتِهِ) أَيْ الْأَصْلِيَّةِ بِأَنْ لَمْ تَحْدُثْ فِيهِ صَنْعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ (غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ حَقِيرٌ) فَيَكُونُ مُتَنَاوَلَ النَّصِّ فَلَا يُقْطَعُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَالْكِتَابُ مَخْصُوصٌ بِقَاطِعٍ فَجَازَ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ (بِصُورَتِهِ) لِيَخْرُجَ الْأَبْوَابُ وَالْأَوَانِي وَالْخَشَبُ.

وَ (غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ) لِيَخْرُجَ نَحْوُ الْمَعَادِنِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالْيَوَاقِيتِ وَاللُّؤْلُؤِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَحْجَارِ لِكَوْنِهَا مَرْغُوبًا فِيهَا فَيُقْطَعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الزِّرْنِيخِ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِهِ لِأَنَّهُ يُحَرَّزُ وَيُصَانُ فِي دَكَاكِينِ الْعَطَّارِينَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْخَشَبِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْخُلُ الدُّورَ لِلْعِمَارَةِ فَكَانَ إحْرَازُهُ نَاقِصًا، بِخِلَافِ السَّاجِ وَالْأَبَنُوسِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْوَسْمَةِ وَالْحِنَّاءِ وَالْوَجْهُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِحْرَازِهِ فِي الدَّكَاكِينِ.

وَقَوْلُهُ (تَقِلُّ الرَّغَبَاتُ فِيهِ) يَعْنِي فَلَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى اسْتِحْصَالِهِ وَعَلَى الْمُعَالَجَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>