للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا بَيَّنَّا.

(وَإِذَا نَقَبَ اللِّصُّ الْبَيْتَ فَدَخَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَنَاوَلَهُ آخَرَ خَارِجَ الْبَيْتِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِخْرَاجُ لِاعْتِرَاضِ يَدٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى الْمَالِ قَبْلَ خُرُوجِهِ. وَالثَّانِي لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ هَتْكُ الْحِرْزِ فَلَمْ تَتِمَّ السَّرِقَةُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ : إنْ أَخْرَجَ الدَّاخِلُ يَدَهُ وَنَاوَلَهَا الْخَارِجَ فَالْقَطْعُ عَلَى الدَّاخِلِ، وَإِنْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَتَنَاوَلَهَا مِنْ يَدِ الدَّاخِلِ فَعَلَيْهِمَا الْقَطْعُ. وَهِيَ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ تَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ وَخَرَجَ فَأَخَذَهُ قُطِعَ) وَقَالَ زُفَرُ : لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ

مَقْصُورَةً عَلَى غِرَّةٍ فَأَخَذَ بِسُرْعَةٍ، يُقَالُ أَغَارَ الْفَرَسُ وَالثَّعْلَبُ فِي الْعَدُوِّ: إذَا أَسْرَعَ. وَقَوْلُهُ فَسَرَقَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَغَارَ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا نَقَبَ اللِّصُّ الْبَيْتَ فَدَخَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ فَتَنَاوَلَهُ آخَرُ خَارِجَ الْبَيْتِ) عِنْدَ النَّقْبِ أَوْ عَلَى الْبَابِ (فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا) بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ إخْرَاجِ الدَّاخِلِ يَدَهُ إلَى الْخَارِجِ أَوْ إدْخَالِ الْخَارِجِ يَدَهُ (ثُمَّ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: إنْ أَخْرَجَ الدَّاخِلُ يَدَهُ مِنْهَا إلَى الْخَارِجِ فَالْقَطْعُ عَلَى الدَّاخِلِ، وَإِنْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَتَنَاوَلَهَا فَعَلَيْهِمَا الْقَطْعُ) وَعُلِّلَ الْإِطْلَاقُ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بِقَوْلِهِ (لِاعْتِرَاضِ يَدٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى الْمَالِ) الْمَسْرُوقِ (قَبْلَ خُرُوجِهِ) أَيْ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّاخِلِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقْطَعَ الدَّاخِلُ كَمَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ دَخَلَ الْحِرْزَ وَأَخْرَجَ الْمَالَ مِنْهُ بِنَفْسِهِ. وَكَوْنُهُ لَمْ يَخْرُجْ كُلُّهُ مَعَهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي ثُبُوتِ الشُّبْهَةِ فِي السَّرِقَةِ وَإِخْرَاجِ الْمَالِ، وَمَا قِيلَ إنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ بِفِعْلِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ ثُمَّ الْخَارِجُ لَا يُقْطَعُ فَكَذَا الدَّاخِلُ مَمْنُوعٌ بَلْ تَمَّتْ بِالدَّاخِلِ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا تَتِمُّ بِهِمَا إذَا أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَأَخَذَهَا.

وَفِيهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقْطَعَانِ. وَقَوْلُ مَالِكٍ إنْ كَانَا مُتَعَاوِنَيْنِ قُطِعَا وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ: فَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ بِفِعْلِهِ لَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا إذَا اتَّفَقَ أَنَّ خَارِجًا رَأَى نَقْبًا فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَوَقَعَتْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا جَمَعَهُ الدَّاخِلُ فَأَخَذَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ بِنَاءٌ عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى تَأْتِي يَعْنِي مَسْأَلَةَ نَقْبِ الْبَيْتِ وَأَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَخَذَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ مَا إذَا وَضَعَ الدَّاخِلُ الْمَالَ عِنْدَ النَّقْبِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَخَذَهُ، قِيلَ يُقْطَعُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ. قِيلَ وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ نَهْرٌ جَارٍ فَرَمَى الْمَالَ فِي النَّهْرِ ثُمَّ خَرَجَ فَأَخَذَهُ، إنْ خَرَجَ بِقُوَّةِ الْمَاءِ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ، وَقِيلَ يُقْطَعُ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ. وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ فِيمَا إذَا أَخْرَجَهُ الْمَاءُ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ.

وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ جَرْيَ الْمَاءِ بِهِ كَانَ بِسَبَبِ إلْقَائِهِ فِيهِ فَيَصِيرُ الْإِخْرَاجُ مُضَافًا إلَيْهِ، وَهُوَ زِيَادَةُ حِيلَةٍ مِنْهُ لِيَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْ دَفْعِ صَاحِبِ الْبَيْتِ فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِلْقَطْعِ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ رَاكِدًا أَوْ جَرْيُهُ ضَعِيفًا فَأَخْرَجَهُ بِتَحْرِيكِ الْمَاءِ قُطِعَ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذَا يَرُدُّ نَقْضًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اعْتِرَاضُ الْيَدِ الْمُعْتَبَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ (وَلَوْ أَلْقَاهُ) الدَّاخِلُ (فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَخَذَهُ قُطِعَ) وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ (لَهُ أَنَّ الْإِلْقَاءَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>