للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا قُضِيَ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ فَوُهِبَتْ لَهُ لَمْ يُقْطَعْ) مَعْنَاهُ إذَا سُلِّمَتْ إلَيْهِ (وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهَا الْمَالِكُ إيَّاهُ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: يُقْطَعُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، لِأَنَّ السَّرِقَةَ قَدْ تَمَّتْ انْعِقَادًا وَظُهُورًا، وَبِهَذَا الْعَارِضِ لَمْ يَتَبَيَّنْ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ السَّرِقَةِ فَلَا شُبْهَةَ.

وَلَنَا أَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالِاسْتِيفَاءِ، إذْ الْقَضَاءُ لِلْإِظْهَارِ وَالْقَطْعُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَهُ،

الْمُحَرَّمَةِ الَّذِينَ فِي عِيَالِهِ وَلَا إلَى الزَّوْجَةِ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهَا

(قَوْلُهُ وَإِذَا قُضِيَ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ فَوَهَبَهَا لَهُ الْمَالِكُ) وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ (لَا يُقْطَعُ. وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ) وَأَحْمَدُ وَمَالِكٌ (يُقْطَعُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ السَّرِقَةَ قَدْ تَمَّتْ انْعِقَادًا) بِفِعْلِهَا بِلَا شُبْهَةٍ (وَظُهُورًا) عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي السَّرِقَةِ إلَّا لَوْ صَحَّ اعْتِبَارُ عَارِضِ الْمِلْكِ الْمُتَأَخِّرِ مُتَقَدِّمًا لِيَثْبُتَ اعْتِبَارُهُ (وَقْتَ السَّرِقَةِ) وَلَا مُوجِبَ لِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ (فَلَا شُبْهَةَ) فَيُقْطَعُ.

وَمِمَّا يَنْفِي صِحَّةَ ذَلِكَ الِاعْتِبَارِ مَا فِي «حَدِيثِ صَفْوَانَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أُرِدْ هَذَا، رِدَائِي عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَقَالَ : فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، زَادَ النَّسَائِيّ فِي رِوَايَتِهِ «فَقَطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ » وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِالسَّرِقَةِ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ بِالْإِقْرَارِ يَظْهَرُ الْمِلْكُ السَّابِقُ فَيَنْتَفِي الْقَطْعُ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ الْإِمْضَاءَ) يَعْنِي اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ بِالْفِعْلِ (مِنْ الْقَضَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ) فَمَا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ كَمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَلَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يُقْطَعُ فَكَذَا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، وَالشَّأْنُ فِي بَيَانِ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ هُوَ الْقَضَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي حَدِّ الزِّنَا، إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا كَانَ هَذَا هُنَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ هُوَ مِنْ قَبْلُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَضَاءِ (بِالِاسْتِيفَاءِ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْضِ بَعْدَ تَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ بِاللَّفْظِ بَلْ أَمَرَ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ اسْتَوْفَى هُوَ الْحَدَّ بِنَفْسِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ بِاللَّفْظِ لَيْسَ إلَّا إظْهَارُ الْحَقِّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَالْمُسْتَحِقُّ هُنَا هُوَ اللَّهُ ﷿ وَالْحَقُّ ظَاهِرٌ عِنْدَهُ غَيْرُ مُفْتَقِرٍ إلَى الْإِظْهَارِ فَلَا حَاجَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>