للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْقَطْعِ وَهُوَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَصِحُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَبِالْمَالِ وَهُوَ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّهِ فِيهِ، وَالْقَطْعُ يُسْتَحَقُّ بِدُونِهِ؛ كَمَا إذَا قَالَ الْحُرُّ الثَّوْبُ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ سَرَقْته مِنْ عَمْرٍو وَزَيْدٌ يَقُولُ هُوَ ثَوْبِي يُقْطَعُ يَدُ الْمُقِرِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُصَدَّقُ فِي تَعْيِينِ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُؤْخَذَ مِنْ زَيْدٍ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْقَطْعِ قَدْ صَحَّ مِنْهُ لِمَا بَيَّنَّا فَيَصِحُّ بِالْمَالِ بِنَاءً عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُلَاقِي حَالَةَ الْبَقَاءِ، وَالْمَالُ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ تَابِعٌ لِلْقَطْعِ حَتَّى تَسْقُطَ عِصْمَةُ الْمَالِ بِاعْتِبَارِهِ وَيُسْتَوْفَى الْقَطْعُ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ. بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحُرِّ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَجِبُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ الْمُودَعِ.

أَمَّا لَا يَجِبُ بِسَرِقَةِ الْعَبْدِ مَالَ الْمَوْلَى فَافْتَرَقَا

يُوجِبُ شَيْئَيْنِ (الْقَطْعَ وَهُوَ) إقْرَارٌ (عَلَى نَفْسِهِ) فَيُقْطَعُ (عَلَى مَا ذَكَرْنَا) مَعَ زُفَرَ مِنْ وَجْهِ صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ (وَالْمَالَ وَهُوَ) إقْرَارٌ (عَلَى الْمَوْلَى) وَهُوَ يُكَذِّبُهُ (فَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَالْقَطْعُ يُسْتَحَقُّ بِدُونِ الْمَالِ) كَمَا إذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ (وَكَمَا لَوْ قَالَ حُرٌّ: هَذَا الثَّوْبُ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ سَرَقْته مِنْ عَمْرٍو، وَزَيْدٌ يَقُولُ هُوَ ثَوْبِي يُقْطَعُ) وَلَا يُنْزَعُ الثَّوْبُ مِنْ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو فَيُقْطَعُ وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي حَقِّ الْقَطْعِ قَدْ صَحَّ مِنْهُ لِمَا بَيَّنَّا) فِي الْكَلَامِ مَعَ زُفَرَ مِنْ أَنَّهُ آدَمِيٌّ إلَى آخِرِهِ، وَيَلْزَمُهُ صِحَّتُهُ بِالْمَالِ أَنَّهُ لِغَيْرِ الْمَوْلَى لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَجِبَ الْقَطْعُ شَرْعًا بِمَالٍ مَسْرُوقٍ لِلْمَوْلَى.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْحَدِّ ثَبَتَ حُكْمُهُ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَهُوَ مَلْزُومٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ بِكَوْنِ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذْ لَا قَطْعَ بِمَالِ السَّيِّدِ وَإِلَى هُنَا يَتِمُّ الْوَجْهُ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُلَاقِي حَالَةَ الْبَقَاءِ وَالْمَالُ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ تَابِعٌ لِلْقَطْعِ حَتَّى تَسْقُطَ عِصْمَةُ الْمَالِ بِاعْتِبَارِهِ وَيَسْتَوْفِي الْقَطْعَ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ) زِيَادَةً لَا تَظْهَرُ الْحَاجَةُ إلَيْهَا. وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحُرِّ) يُرِيدُ إلْزَامَ أَبِي يُوسُفَ بِمَا إذَا قَالَ الْحُرُّ الثَّوْبُ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ سَرَقْته مِنْ عَمْرٍو وَيُقْطَعُ بِهِ وَلَا يُدْفَعُ لِعَمْرٍو، فَكَذَا جَازَ أَنْ يُقْطَعَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ فَقَالَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْقَطْعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ مَحْمُولٌ عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهِ لِعَمْرٍو وَأَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَ زَيْدٍ أَوْ غَصْبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>