لَهُ أَنَّ الْمُبَاشِرَ أَصْلٌ، وَالرَّدُّ تَابِعٌ وَلَا خَلَلَ فِي مُبَاشَرَةِ الْعَاقِلِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْخَلَلِ فِي التَّبَعِ، وَفِي عَكْسِهِ يَنْعَكِسُ الْمَعْنَى وَالْحُكْمُ.
وَلَهُمَا أَنَّهُ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ قَامَتْ بِالْكُلِّ، فَإِذَا لَمْ يَقَعْ فِعْلُ بَعْضِهِمْ مُوجِبًا كَانَ فِعْلُ الْبَاقِينَ بَعْضَ الْعِلَّةِ وَبِهِ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فَصَارَ كَالْخَاطِئِ مَعَ الْعَامِدِ.
وَأَمَّا ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فَقَدْ قِيلَ تَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَقْطُوعِ عَلَيْهِمْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُطْلَقٌ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَاحِدَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ
إخْرَاجَ الْمَتَاعِ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْكُلِّ، وَإِنْ وَلِيَ غَيْرُهُمَا قُطِعُوا إلَّا الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ.
وَقَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ غَيْرِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَذِي الرَّحِمِ؛ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ اخْتَصَّ بِهَا وَاحِدٌ فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْبَاقِينَ (لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُبَاشِرَ أَصْلٌ وَالرِّدْءَ تَابِعٌ، فَفِي مُبَاشَرَةِ الْعَاقِلِ الْخَلَلُ فِي التَّبَعِ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ بَعْدَ أَنْ لَا خَلَلَ فِي الْأَصْلِ) فَيُحَدُّ الْبَاقُونَ (وَفِي عَكْسِهِ) وَهُوَ أَنْ يُبَاشِرَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ (يَنْعَكِسُ الْمَعْنَى) وَهُوَ السُّقُوطُ عَنْ الْأَصْلِ، فَإِنَّ السُّقُوطَ حِينَئِذٍ فِي التَّبَعِ فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ وَهُوَ حَدُّ الْبَاقِينَ فَلَا يُحَدُّونَ (وَلَهُمَا) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ (أَنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْكُلِّ يُسَمَّى جِنَايَةَ قَطْعِ الطَّرِيقِ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ فِي الْغَالِبِ إلَّا بِجَمَاعَةٍ فَكَانَ الصَّادِرُ مِنْ الْكَثِيرِ جِنَايَةً وَاحِدَةً (قَامَتْ بِالْكُلِّ، فَإِذَا لَمْ يَقَعْ فِعْلُ بَعْضِهِمْ مُوجِبًا) لِلْحَدِّ لِشُبْهَةٍ أَوْ عَدَمِ تَكْلِيفٍ لَا يُوجِبُ فِي حَقِّ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ (فِعْلَ الْبَاقِينَ) حِينَئِذٍ (بَعْضُ الْعِلَّةِ وَ) بِبَعْضِ الْعِلَّةِ (لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ وَصَارَ كَالْخَاطِئِ مَعَ الْعَامِدِ) إذَا اجْتَمَعَا فِي قَتْلِ مَعْصُومِ الدَّمِ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ الْعَامِدِ (وَأَمَّا ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فَقِيلَ تَأْوِيلُهُ) أَيْ تَأْوِيلُ سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ الْكُلِّ (أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَقْطُوعِ عَلَيْهِمْ) وَفِي الْقُطَّاعِ ذُو رَحِمِ مَحْرَمٍ مِنْ أَحَدِهِمْ فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَتَصِيرُ شُبْهَةً فِي نَصِيبِ الْبَاقِينَ فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا امْتَنَعَ فِي حَقِّ أَحَدِهِمْ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ يَمْتَنِعُ فِي حَقِّ الْبَاقِينَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنِ الْمَالُ مُشْتَرَكًا؛ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ إلَّا مِنْ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَخَذُوا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ يُحَدُّونَ بِاعْتِبَارِ الْمَأْخُوذِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُجْرَى عَلَى الْإِطْلَاقِ) وَأَنَّهُمْ لَا يُحَدُّونَ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ مَالَ جَمِيعِ الْقَافِلَةِ فِي حَقِّ قُطَّاعِ الطُّرُقِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِحِرْزٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْقَافِلَةُ (وَالْجِنَايَةُ وَاحِدَةٌ) وَهِيَ قَطْعُ الطَّرِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute