للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَذَكَرُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ.

لَهُمَا أَنَّ الْمَالَ تَابِعٌ لِلنَّفْسِ، وَقَدْ صَارَتْ مَعْصُومَةً بِإِسْلَامِهِ فَيَتْبَعُهَا مَالُهُ فِيهَا.

وَلَوْ أَنَّهُ مَالٌ مُبَاحٌ فَيُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَالنَّفْسُ لَمْ تَصِرْ مَعْصُومَةً بِالْإِسْلَامِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُتَقَوِّمَةٍ

فِي الْأَصْلِ غَيْرُ مَعْصُومٍ بَلْ عَلَى الْإِبَاحَةِ. وَإِنَّمَا يَنْعَصِمُ تَبَعًا لِعِصْمَةِ مَالِكِهِ، وَتَبَعِيَّتُهُ لَهُ فِي الْعِصْمَةِ إنَّمَا تَثْبُتُ إذَا ثَبَتَتْ يَدُ الْمَالِكِ الْمَعْصُومِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مَعَ الِاحْتِرَامِ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ هُنَا، وَهَذَا مِمَّا قَدْ يُمْنَعُ فِيهِ عَدَمُ الِاحْتِرَامِ بَلْ يَدُهُ الْحُكْمِيَّةُ مُحْتَرَمَةٌ، وَغَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ إنَّمَا هِيَ يَدُ الْحَرْبِيِّ الْحَقِيقِيَّةُ.

الثَّانِي أَنَّ قِيَامَ يَدِ الْمُودِعِ حَقِيقِيٌّ، وَهُوَ الْحَرْبِيُّ وَقِيَامُ يَدِ الْمُودِعِ الْمُسْلِمِ حُكْمِيٌّ، فَاعْتِبَارُ الْحُكْمِيِّ إنْ أَوْجَبَ الْعِصْمَةَ فَالْحَقِيقِيُّ يَمْنَعُهَا وَالْعِصْمَةُ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً فَلَا تَثْبُتُ بِالشَّكِّ. وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا مَنْعُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً بَلْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الثُّبُوتِ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِهِ حَالَ كَوْنِهِ فِي يَدِ الْحَرْبِيِّ.

وَالنَّصُّ يُوجِبُ فِي مِلْكِهِ الْعِصْمَةَ بِالْإِسْلَامِ.

وَأَمَّا مَا كَانَ غَصْبًا فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا. أَوْ قَالَ (هَكَذَا ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَذَكَرُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَقَالَا: لَا يَكُونُ فَيْئًا إلَى أَنْ قَالَ: وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ، فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا تَكْرَارٌ لَا مَعْنَى لَهُ. ثُمَّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: إنَّهُ تَتَّبِعَ النُّسَخَ، وَالصَّحِيحُ مِنْهَا أَنْ يُقَالَ: وَمَا كَانَ غَصْبًا فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ فَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ فَيْئًا؛ لِأَنَّ رِوَايَةَ السِّيَرِ الْكَبِيرِ عَلَى مَا ذَكَرَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَكَذَا، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ فَخْرَ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي الْجَامِعِ: وَلَوْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَ الْحَرْبِيِّ أَوْ غَصْبًا عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ ضَائِعًا فَهُوَ فَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ فَيْئًا، وَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ والتمرتاشي وَغَيْرِهِمَا (لَهُمَا أَنَّ الْمَالَ تَابِعٌ لِلنَّفْسِ وَقَدْ صَارَتْ مَعْصُومَةً بِإِسْلَامِهِ فَيَتْبَعُهَا مَالُهُ. وَلَهُ أَنَّهُ مَالٌ مُبَاحٌ فَيُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَالنَّفْسُ لَمْ تَصِرْ مَعْصُومَةً بِالْإِسْلَامِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>