للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْتَمِدُ الْوِلَايَةَ وَلَا وِلَايَةَ وَقْتَ الْإِدَانَةِ أَصْلًا وَلَا وَقْتَ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِيمَا مَضَى مِنْ أَفْعَالِهِ وَإِنَّمَا الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلَّذِي غَصَبَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَالًا غَيْرَ مَعْصُومٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ فَعَلَا ذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَا مُسْتَأْمَنَيْنِ لِمَا قُلْنَا (وَلَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ قُضِيَ بِالدَّيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُقْضَ بِالْغَصْبِ) أَمَّا الْمُدَايَنَةُ فَلِأَنَّهَا وَقَعَتْ صَحِيحَةً لِوُقُوعِهَا بِالتَّرَاضِي، وَالْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ حَالَةَ الْقَضَاءِ لِالْتِزَامِهِمَا الْأَحْكَامَ بِالْإِسْلَامِ. وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَا خُبْثَ

يَعْتَمِدُ الْوِلَايَةَ وَلَا وِلَايَةَ وَقْتَ الْإِدَانَةِ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَلَا وَقْتَ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا مَضَى مِنْ أَفْعَالِهِ، وَإِنَّمَا الْتَزَمَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) وَلَكِنْ يُفْتَى بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا قَاصِرٌ كَمَا تَرَى لَا يَشْمَلُ وَجْهَ عَدَمِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَلِذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقْضَى عَلَى الْمُسْلِمِ، وَعُمُومُ عَدَمِ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُمَا بِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُلْتَزِمٌ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا وَصَارَ كَمَا لَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ.

وَكَوْنُ أَبِي حَنِيفَةَ اعْتَبَرَ دِيَانَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْقَضَاءِ هُوَ أَيْضًا مِمَّا يَحْتَاج إلَى مُوجِبٍ. وَأَجَابَ فِي الْكَافِي بِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ، فَإِنَّ وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا لَيْسَ فِي أَنْ يَبْطُلَ حَقُّ أَحَدِهِمَا بِلَا مُوجِبٍ لِوُجُوبِ إبْطَالِ حَقِّ الْآخَرِ بِمُوجِبٍ، بَلْ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْإِقْبَالِ وَالْإِقَامَةِ وَالْإِجْلَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْإِدَانَةُ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ، وَالِاسْتِدَانَةُ الِابْتِيَاعُ بِالدَّيْنِ. (وَأَمَّا) أَنَّهُ لَا يُقْضَى (بِالْغَصْبِ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (فَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلَّذِي غَصَبَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْغَاصِبُ كَافِرًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ مُسْلِمًا مُسْتَأْمَنًا (عَلَى مَا بَيَّنَّا) أَيْ فِي بَابِ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ وَرَدَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَفِي غَصْبِ الْمُسْلِمِ إذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ مُغِيرَيْنِ دَارَ الْحَرْبِ إلَخْ، إلَّا أَنَّ الْمُسْلِمَ الْمُسْتَأْمَنَ الْغَاصِبَ لِمَالِ الْحَرْبِيِّ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ إفْتَاءً لَا قَضَاءً؛ لِتَرْتَفِعَ مَعْصِيَةُ الْغَدْرِ.

وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَيْهِ كَمَا تَرَى (وَكَذَا لَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ فَعَلَا ذَلِكَ) أَيْ أَدَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ غَصَبَهُ (ثُمَّ خَرَجَا) إلَيْنَا (مُسْتَأْمَنَيْنِ لِمَا قُلْنَا، فَإِنْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ) وَقَدْ أَدَانَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ غَصَبَهُ (يُقْضَى بِالدَّيْنِ بَيْنَهُمَا خَاصَّةً دُونَ الْغَصْبِ) أَمَّا (الْقَضَاءُ بِالْمُدَايَنَةِ) أَيْ بِالدَّيْنِ (فَلِأَنَّهَا) حِينَ وَقَعَتْ (وَقَعَتْ صَحِيحَةً؛ لِوُقُوعِهَا بِالتَّرَاضِي، وَالْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ حَالَةَ الْقَضَاءِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ) وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ إذْ لَمْ يُقْضَ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ بَلْ سَوَّيْنَا بَيْنَهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يُحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْعِلَاوَةِ إذْ يُقْضَى لِلْحَرْبِيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا. (وَأَمَّا الْغَصْبُ) فَإِنَّمَا لَا يُقْضَى بِهِ لِإِتْلَافِهِ فِيمَا مَلَكَهُ (وَلَا خُبْثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>