للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْآدَمِيَّ خُلِقَ مُتَحَمِّلًا أَعْبَاءَ التَّكْلِيفِ، وَالْقِيَامَ بِهَا بِحُرْمَةِ التَّعَرُّضِ، وَالْأَمْوَالُ تَابِعَةٌ لَهَا. أَمَّا الْمُقَوَّمَةُ فَالْأَصْلُ فِيهَا الْأَمْوَالُ؛ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ يُؤْذِنُ بِجَبْرِ الْفَائِتِ وَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ دُونَ النُّفُوسِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ التَّمَاثُلَ، وَهُوَ فِي الْمَالِ دُونَ النَّفْسِ فَكَانَتْ النُّفُوسُ تَابِعَةً، ثُمَّ الْعِصْمَةُ الْمُقَوَّمَةُ فِي الْأَمْوَالِ بِالْإِحْرَازِ بِالدَّارِ؛ لِأَنَّ الْعِزَّةَ بِالْمَنَعَةِ فَكَذَلِكَ فِي النُّفُوسِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَسْقَطَ اعْتِبَارَ مَنَعَةِ الْكَفَرَةِ؛ لِمَا أَنَّهُ أَوْجَبَ إبْطَالَهَا. وَالْمُرْتَدُّ وَالْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِنَا مِنْ أَهْلِ دَارِهِمْ حُكْمًا لِقَصْدِهِمَا الِانْتِقَالَ إلَيْهَا

لِأَنَّهُ خُلِقَ مُتَحَمِّلًا أَعْبَاءَ التَّكَالِيفِ وَالْقِيَامِ بِهَا) لَا يُمْكِنُ إلَّا مَعَ (حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لَهُ)، وَإِنَّمَا زَالَتْ بِعَارِضِ الْكُفْرِ فَإِذَا انْتَفَى عَادَتْ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ مُبَاحَةٌ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا وَالْعِصْمَةُ الْمُقَوَّمَةُ بِالْعَكْسِ فَالْأَمْوَالُ هِيَ الْأَصْلُ فِيهَا لَا النُّفُوسُ (لِأَنَّ التَّقَوُّمَ يُؤْذِنُ بِجَبْرِ الْفَائِتِ) وَمِنْ شَرْطِهِ التَّمَاثُلُ وَهُوَ فِي الْأَمْوَالِ لَا النُّفُوسِ، فَكَانَتْ النُّفُوسُ تَابِعَةً فِي الْعِصْمَةِ الْمُقَوِّمَةِ لِلْأَمْوَالِ. (ثُمَّ الْعِصْمَةُ الْمُقَوَّمَةُ فِي الْأَمْوَالِ بِالْإِحْرَازِ بِالدَّارِ؛ لِأَنَّ الْعِزَّةَ بِالْمَنَعَةِ، فَكَذَا فِي النُّفُوسِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَبْطَلَ اعْتِبَارَ مَنَعَةِ الْكُفْرِ) فَأَوْجَبَ بُطْلَانَهَا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ لَزِمَ فِي الْمُرْتَدِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ إذَا قُتِلَا فِي دَارِنَا الدِّيَةُ. أَجَابَ بِأَنَّهُمَا (مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ حُكْمًا لِقَصْدِ الِانْتِقَالِ إلَيْهَا) فَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ «عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ» فَنَقُولُ: لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ الْعِصْمَةِ شَرْعًا وَلَا يَسْتَلْزِمُ كَمَالُهَا إلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ إلَّا بِحَقِّهِ وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَكُونُوا فِي دَارِنَا لَا يُكَثِّرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>