وَلَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ»، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَأْخِيرُ الْأَجْزِيَةِ إلَى دَارِ الْآخِرَةِ إذْ تَعْجِيلُهَا يُخِلُّ بِمَعْنَى الِابْتِلَاءِ، وَإِنَّمَا عُدِلَ عَنْهُ دَفْعًا لِشَرٍّ نَاجِزٍ وَهُوَ الْحِرَابُ، وَلَا يَتَوَجَّهُ ذَلِكَ مِنْ النِّسَاءِ؛ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْبِنْيَةِ، بِخِلَافِ الرِّجَالِ فَصَارَتْ الْمُرْتَدَّةُ كَالْأَصْلِيَّةِ قَالَ (وَلَكِنْ تُحْبَسُ حَتَّى تُسْلِمَ)؛ لِأَنَّهَا امْتَنَعَتْ عَنْ إيفَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَتُجْبَرُ عَلَى إيفَائِهِ بِالْحَبْسِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَتُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى الْإِسْلَامِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً.
وَهُوَ الْقَتْلُ وَلَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ» كَمَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا مُطْلَقٌ يَعُمُّ الْكَافِرَةَ أَصْلِيًّا وَعَارِضًا، وَثَبَتَ تَعْلِيلُهُ ﷺ بِالْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ عَدَمِ حِرَابِهَا فَكَانَ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ مَا رَوَاهُ بَعْدُ أَنَّ عُمُومَهُ مُخَصَّصٌ بِمَنْ بَدَّلَ دِينَهُ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِسْلَامِ، وَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمَعْنَى بَعْدَ هَذَا زِيَادَةُ بَيَانٍ، وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَجْزِيَةِ بِأَنْ تَتَأَخَّرَ إلَى دَارِ الْجَزَاءِ وَهِيَ الدَّارُ الْآخِرَةُ فَإِنَّهَا الْمَوْضُوعَةُ لِلْأَجْزِيَةِ عَلَى الْأَعْمَالِ الْمَوْضُوعَةِ هَذِهِ الدَّارُ لَهَا، فَهَذِهِ دَارُ أَعْمَالٍ وَتِلْكَ دَارُ جَزَائِهَا، وَكُلُّ جَزَاءٍ شُرِعَ فِي هَذِهِ الدَّارِ مَا هُوَ إلَّا لِمَصَالِحَ تَعُودُ إلَيْنَا فِي هَذِهِ الدَّارِ كَالْقِصَاصِ وَحْدِ الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ شُرِعَتْ لِحِفْظِ النُّفُوسِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْعُقُولِ وَالْأَنْسَابِ وَالْأَمْوَالِ، فَكَذَا يَجِبُ فِي الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ أَنْ يَكُونَ لِدَفْعِ شَرِّ حِرَابِهِ لَا جَزَاءٍ عَلَى فِعْلِ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ جَزَاءَهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَخْتَصُّ بِمَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحِرَابُ وَهُوَ الرَّجُلُ، وَلِهَذَا «نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ»، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُقَاتِلُ عَلَى مَا صَحَّ مِنْ الْحَدِيثِ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا: لَوْ كَانَتْ الْمُرْتَدَّةُ ذَاتَ رَأْيٍ وَتَبَعٍ تُقْتَلُ لَا لِرِدَّتِهَا بَلْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَسْعَى فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، وَإِنَّمَا حُبِسَتْ (لِأَنَّهَا امْتَنَعَتْ عَنْ أَدَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ أَقَرَّتْ بِهِ فَتُحْبَسُ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ).
وَقَدْ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: لَا تُقْتَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute