للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ لَهُ الْهِبَةَ)؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ وَلِهَذَا يَمْلِكُهُ الصَّغِيرُ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ عَاقِلًا وَتَمْلِكُهُ الْأُمُّ وَوَصِيُّهَا.

قَالَ (وَيُسَلِّمُهُ فِي صِنَاعَةٍ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَثْقِيفِهِ وَحِفْظِ حَالِهِ. قَالَ (وَيُؤَاجِرُهُ) قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ: وَهَذَا رِوَايَةُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ، ذَكَرَهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى تَثْقِيفِهِ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ فَأَشْبَهَ الْعَمَّ. بِخِلَافِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ.

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (لِلَّقِيطِ الْهِبَةَ) وَالصَّدَقَةَ عَلَيْهِ (لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُحَقَّقٌ وَلِذَا يَمْلِكُهُ الصَّغِيرُ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ عَاقِلًا وَتَمْلِكُهُ الْأُمُّ وَوَصِيُّهَا).

قَالَ (الْقُدُورِيُّ: وَيُسَلِّمُهُ فِي صِنَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّثْقِيفِ وَحِفْظِ حَالِهِ) عَنْ الشَّتَاتِ وَصِيَانَتِهِ عَنْ الْفَسَادِ. ثُمَّ (قَالَ) الْقُدُورِيُّ (وَيُؤَاجِرُهُ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّثْقِيفِ يَعْنِي التَّقْوِيمَ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ ذَكَرَهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ الْأَصَحُّ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ فَلَا يَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا (فَأَشْبَهَ الْعَمَّ، بِخِلَافِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ) بِالِاسْتِخْدَامِ وَالْإِعَارَةِ بِلَا عِوَضٍ، فَبِالْعِوَضِ بِالْإِجَارَةِ أَوْلَى.

[فُرُوعٌ] ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ عَبْدًا لَهُ بَعْدَمَا عَرَفَ الِالْتِقَاطَ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَالْخَارِجِ، وَلَوْ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ ابْنُهُ لَا عِبْرَةَ بِهَا؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ ثَبَتَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ. وَأَثَرُ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ فِي كَوْنِهِ كَافِرًا وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ.

وَلَوْ وَجَدَهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فَتَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ عِنْدَ أَحَدِهِمَا قُضِيَ بِهِ لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِالْإِسْلَامِ فَكَانَ الْمُسْلِمُ أَوْلَى بِحِفْظِهِ؛ وَلِأَنَّهُ يُعَلِّمُهُ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ.

وَإِذَا بَلَغَ اللَّقِيطُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَدَّعِيهِ. إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِمَا لَا يُقْضَى بِهِ إلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ كَالْحَدِّ الْكَامِلِ وَنَحْوِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَصَارَ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَلَا يَصِيرُ بِهِ عَبْدًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلِأَنَّهُ مُكَذَّبٌ شَرْعًا فِي ذَلِكَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَذَّبَهُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِالرِّقِّ، وَلَوْ كَانَ اللَّقِيطَةُ امْرَأَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَمَا كَبُرَتْ إنْ كَانَ بَعْدَ التَّزْوِيجِ صَحَّ وَكَانَتْ أَمَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا تُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يُنَافِي النِّكَاحَ ابْتِدَاءً وَلَا بَقَاءً فَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ بِرِقِّهَا انْتِفَاءُ النِّكَاحِ.

وَلَوْ بَلَغَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ وَلِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَصَدَاقُهَا لَازِمٌ عَلَيْهِ لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي إقْرَارِهِ هَذَا، وَكَذَا إذَا اسْتَدَانَ دَيْنًا أَوْ بَايَعَ إنْسَانًا أَوْ كَفَلَ كَفَالَةً أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَسَلَّمَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَلَوْ أَنَّهُ وَالَى رَجُلًا بَعْدَمَا أَدْرَكَ الْمُلْتَقِطَ أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَتَأَكَّدَ وَلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ بِأَنْ جَنَى جِنَايَةً وَعَقَلَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَنْتَقِلُ مِيرَاثُهُ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ وَلَاءَهُ لَمْ يَتَأَكَّدْ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ وَصَارَ كَاَلَّذِي أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ إلَّا أَنْ يَجْنِيَ فَيَعْقِلَهُ بَيْتُ الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>