للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ اللُّقَطَةِ قَالَ (اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ إذَا أَشْهَدَ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيَحْفَظَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا)

ــ

[فتح القدير]

كِتَابُ اللُّقَطَةِ

هِيَ فُعَّلَةٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَصْفُ مُبَالَغَةٍ لِلْفَاعِلِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ وَلُعَنَةٍ وَضُحَكَةٍ لِكَثِيرِ الْهَمْزِ وَغَيْرِهِ، وَبِسُكُونِهَا لِلْمَفْعُولِ كَضُحْكَةٍ وَهُزْأَةٍ لِلَّذِي يُضْحَكُ مِنْهُ وَيُهْزَأُ بِهِ. وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَالِ لُقَطَةٌ بِالْفَتْحِ لِأَنَّ طِبَاعَ النُّفُوسِ فِي الْغَالِبِ تُبَادِرُ إلَى الْتِقَاطِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ، فَصَارَ الْمَالُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَاعٍ إلَى أَخْذِهِ بِمَعْنَى فِيهِ نَفْسُهُ كَأَنَّهُ الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطِ مَجَازًا، وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهُ الْمُلْتَقِطُ الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطِ. وَمَا عَنْ الْأَصْمَعِيِّ وَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْقَافِ اسْمٌ لِلْمَالِ أَيْضًا فَمَحْمُولٌ عَلَى هَذَا: يَعْنِي يُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ أَيْضًا.

ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي صِفَةِ رَفْعِهَا فَنُقِلَ عَنْ الْمُتَقَشِّفَةِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ لِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ فَلَا يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَعْضُ التَّابِعِينَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ يَحِلُّ، وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ، أَمَّا الْحِلُّ فَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا أَنْكَرَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ بَلْ أَمَرَهُ بِتَعْرِيفِهَا عَلَى مَا سَنَذْكُرُ.

وَأَسْنَدَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَصَابَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ» وَأَمَّا أَفْضَلِيَّةُ التَّرْكِ فَلِأَنَّ صَاحِبَهَا يَطْلُبُهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي فَقَدَهَا فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ خُصُوصَ الْمَكَانِ، فَإِذَا تَرَكَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَجِدَهَا صَاحِبُهَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ عَادَةً أَنْ يَمُرَّ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مَرَّةً أُخْرَى فِي عُمُرِهِ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ سُقُوطَهَا فِي أَثْنَاءِ الطُّرُقَاتِ الَّتِي يَمُرُّ بِهَا أَوْ يَجْلِسُ فِي عَادَةِ أَمْرِهِ وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ إلَيْهِ، وَقَيَّدَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَأْمَنُ يَتْرُكُهَا، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَصِلَ يَدٌ خَائِنَةٌ إلَيْهَا، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَأْخُذْهَا فَفِي الْخُلَاصَةِ يَفْتَرِضُ الرَّفْعَ، وَلَوْ رَفَعَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَضَعَهَا مَكَانَهَا فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَسَنَذْكُرُهُ

[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

(قَوْلُهُ وَاللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ إذَا أَشْهَدَ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيَحْفَظَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>