للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا فَصْلُ الْوِلَايَةِ فَقَدْ نَصَّ فِيهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ،

شَرَطَ تَمَامَ الْقَبْضِ لِيَنْقَطِعَ حَقُّ الْوَاقِفِ فَلَا شَكَّ أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يَفُوتُ مَعَهُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ تَمَامُ الْقَبْضِ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَلَمَّا لَمْ يَشْرِطْ تَمَامَ قَبْضِ مُتَوَلٍّ انْبَنَى عَلَيْهِ جَوَازُ شَرْطِ الْخِيَارِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْوَقْفَ جَائِزٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ، وَهُوَ قَوْلُ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ كَالْإِعْتَاقِ فِي أَنَّهُ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا إلَى مَالِكٍ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَتَقَ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، فَكَذَا يَجِبُ هَذَا وَلِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ فِي الْمَسْجِدِ يَبْطُلُ وَيَتِمُّ وَقْفُ الْمَسْجِدِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ: عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْوَقْفُ وَيَبْطُلَ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْعِ مِنْ الزَّوَالِ، وَلَكِنْ مُحَمَّدٌ يَقُولُ بِتَمَامِ الرِّضَا وَالْقَبْضِ يَتِمُّ الْوَقْفُ، وَمَعَ شَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَتِمُّ الرِّضَا وَلَا الْقَبْضُ فَكَانَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْوَقْفِ، فَلَا يَتِمُّ مَعَهُ، بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهِ عِنْدَهُ بَلْ إقَامَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِجَمَاعَةٍ، وَكَذَا فِي الْإِعْتَاقِ فَإِنَّ الْقَبْضَ فِيهِ لَيْسَ شَرْطًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ تَمَّ لَهُ شَرْطُ التَّسْلِيمِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ تَمَّ لَهُ هَذَا وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ، وَتَقْيِيدُ الْخِيَارِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا؛ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةً بِأَنْ وَقَفَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ لَا يَجُوزُ الِاتِّفَاقُ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: إنْ بَيَّنَ لِلْخِيَارِ وَقْتًا جَازَ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتْ لَهُ فَالْوَقْفُ وَالشَّرْطُ بَاطِلَانِ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ مَعَ شَرْطِ الْخِيَارِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَلَوْ أَبْطَلَ الْخِيَارَ قَبْلَ الثَّلَاثِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُؤَبَّدًا وَالْخِيَارُ يَمْنَعُ التَّأْبِيدَ، وَكَانَ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْخِيَارَ فِيهِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهُ بَلْ يُفْسِدُهُ إذَا شَرَطَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِامْتِنَاعِ لُزُومِ الْعَقْدِ بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، فَلَمْ يَكُنْ الْفَسَادُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، فَإِذَا أَسْقَطَهُ قَبْلَ الثَّلَاثِ جَازَ، ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَلِهَذَا لَوْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ دَرَاهِمَ جَازَ الْوَقْفُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَيْضًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ وَقَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ مَوْقُوفٌ فَكَذَا الْوَقْفُ، وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَوَقَفَهَا، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَقْفِ بَلْ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهِ مَا شَاءَ. [فُرُوعٌ]

اشْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَوَقَفَهَا ثُمَّ أَسْقَطَ الْخِيَارَ صَحَّ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَوَقَفَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَسْقَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَا تَكُونُ وَقْفًا، وَلَوْ وَقَفَهَا الْبَائِعُ صَحَّ، وَلَوْ وَقَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَرْضَ قَبْلَ قَبْضِهَا، ثُمَّ قَبَضَهَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَهَا الْمُوصَى لَهُ بِهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي، وَكَذَا لَوْ وَقَفَهَا فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ قَبْلَ قَبْضِهَا

(قَوْلُهُ وَأَمَّا فَصْلُ الْوِلَايَةِ فَقَدْ نَصَّ فِيهِ) أَيْ الْقُدُورِيُّ (عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ) حَيْثُ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>