وَإِذَا حَصَلَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا مِنْ عَيْبٍ أَوْ عَدَمِ رُؤْيَةٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِقَوْلِهِ ﵊ «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَلَنَا أَنَّ فِي الْفَسْخِ إبْطَالُ حَقِّ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ. وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى خِيَارِ الْقَبُولِ.
إلْزَامِ الشَّرِكَةِ.
مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِمُشْتَرِيَيْنِ بِعْتُكُمَا هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا اشْتَرَيْت دُونَ الْآخَرِ تَعَدَّدَتْ؛ فَلَا يَلْزَمُ لِأَنَّهُ لَوْ تَمَّ فِي الصَّفِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَاطَبَهُمَا بِالْكُلِّ فَكَانَ مُخَاطِبًا كُلًّا بِالنِّصْفِ، فَلَوْ لَزِمَ صَارَ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَيْبُ الشَّرِكَةِ بِلَا رِضَاهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِمَالِكَيْ عَيْنٍ اشْتَرَيْت مِنْكُمَا هَذِهِ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ بَيْعَهُ إنَّمَا يَتِمُّ فِي نَصِيبِهِ فَتَعَدَّدَتْ، فَلَوْ تَمَّ تَضَرَّرَ الْمُشْتَرِي الْمُوجِبُ بِالشَّرِكَةِ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُوجِبُ اثْنَيْنِ خَاطَبَا وَاحِدًا فَقَالَا بِعْنَاك أَوْ اشْتَرَيْنَا مِنْك هَذَا بِكَذَا فَأَجَابَ هُوَ فِي بَعْضِهِ لَا يَلْزَمُ، لَكِنْ لَا لِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ بَلْ لِإِجَابَتِهِ فِي الْبَعْضِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُوجِبَ فِيهَا لَوْ كَانَ وَاحِدًا وَالْبَاقِي بِحَالِهِ كَانَ مِنْ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ أَيْضًا، فَعُرِفَ أَنَّ هَذَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَا مِنْ تَعَدُّدِ الْعَاقِدِ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِهِ فَبِصُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يُوجِبَ الْبَائِعُ فِي مِثْلِيَّيْنِ أَوْ وَاحِدٍ قِيَمِيٍّ أَوْ مِثْلِيٍّ فَقَبِلَ فِي الْبَعْضِ أَوْ يُوجِبُ الْمُشْتَرِي فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت مِنْك بِكَذَا فَقَبِلَ الْبَائِعُ فِي الْبَعْضِ فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الصَّفْقَةَ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا قَبِلَ فِي بَعْضِهِمَا فَرَّقَهَا فَلَا يَصِحُّ، فَلَوْ كَانَ بَيْنَ ثَمَنِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِلَا تَكْرَارِ لَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ بِتَكْرَارِهِ، فَفِيمَا إذَا كَرَّرَهُ فَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ صَفْقَتَانِ، فَإِذَا قَبِلَ فِي أَحَدِهِمَا يَصِحُّ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ وَبِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ أَوْ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ اشْتَرَيْت هَذَا بِأَلْفٍ وَاشْتَرَيْت هَذَا بِأَلْفٍ كَذَا فِي مَوْضِعٍ، وَفِي مَوْضِعٍ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَيْنِ بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ وَهَذَا بِأَلْفَيْنِ وَفِيمَا إذَا لَمْ يُكَرِّرْهُ مِثْلُ بِعْتُك هَذَيْنِ هَذَا بِمِائَةٍ وَهَذَا بِمِائَةٍ فَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ صِفَتَانِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ آخَرُونَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ إذَا كَرَّرَ لَفْظَ الْبَيْعِ؛ فَأَمَّا إذَا لَمْ يُكَرِّرْهُ، وَقَدْ اتَّحَدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالْعَاقِدُ، وَلَمْ يَتَعَدَّدْ الثَّمَنُ فَالصَّفْقَةُ وَاحِدَةٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ فِي أَحَدِهِمَا.
وَقِيلَ الْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁، وَالثَّانِي قِيَاسٌ وَهُوَ قَوْلُهُمَا. وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِمُجَرَّدِ تَفْرِيقِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ فَائِدَتَهُ لَيْسَ إلَّا قَصْدَهُ بِأَنْ يَبِيعَ مِنْهُ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ غَرَضُهُ أَنْ لَا يَبِيعَهُمَا مِنْهُ إلَّا جُمْلَةً لَمْ تَكُنْ فَائِدَةً لِتَعَيُّنِ ثَمَنِ كُلٍّ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ وَإِذَا حَصَلَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا مِنْ عَيْبٍ أَوْ عَدَمِ رُؤْيَةٍ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ﵀ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ (لَهُمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِقَوْلِهِ ﷺ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا») أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute