للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِكُلِّ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ آخِذًا لِكُلِّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ (وَإِنْ وَجَدَهَا زَائِدَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَمِيعَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ) لِأَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي الذَّرْعِ تَلْزَمُهُ زِيَادَةُ الثَّمَنِ فَكَانَ نَفْعًا يَشُوبُهُ ضَرَرٌ فَيَتَخَيَّرُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ صَارَ أَصْلًا، وَلَوْ أَخَذَهُ بِالْأَقَلِّ لَمْ يَكُنْ آخِذًا بِالْمَشْرُوطِ.

عَدَدَ الثِّيَابِ إذَا زَادَتْ فَسَدَ الْبَيْعُ لِلُزُومِ جَهَالَةِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ تَجْرِي فِي تَعْيِينِ الثَّوْبِ الَّذِي يُرَدُّ إلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِ أَنَّهُ أَصْلٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

أَمَّا هُنَا فَالذِّرَاعُ لَيْسَ أَصْلًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِيُفْسِدَ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الزَّائِدَ بِحِصَّتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ لَهُ أَخْذُ الزَّائِدِ لَكِنَّهُ بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ وَهُوَ زِيَادَةُ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَكُنْ يَلْزَمُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا الطُّولَ وَصْفًا تَارَةً وَأَصْلًا أُخْرَى، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْقَدْرَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ إلَّا أَصْلًا دَائِمًا مَعَ أَنَّ الطُّولَ وَالْعَرْضَ يَرْجِعُ إلَى الْقَدْرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ الْقَدْرَ وَصْفًا اُحْتِيجَ إلَى الْفَرْقِ فَقِيلَ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِنُقْصَانِ الْقَدْرِ، فَإِنَّ الصُّبْرَةَ الْكَائِنَةَ مِائَةُ قَفِيزٍ لَوْ صَارَتْ إلَى قَفِيزَيْنِ فِي الْقِلَّةِ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْقَفِيزِ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَالْأَرْضِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي عَادَتُهُ عَشَرَةٌ وَهُوَ قَدْرُ مَا يُفَصِّلُ قَبَاءً أَوْ فَرَجِيَّةً كَانَ بِثَمَنٍ إذَا قُسِّمَ عَلَى أَجْزَائِهِ يُصِيبُ كُلَّ ذِرَاعٍ مِنْهُ مِقْدَارٌ، وَلَوْ أُفْرِدَ الذِّرَاعُ وَبِيعَ بِمُفْرَدِهِ لَمْ يُسَاوِ فِي الْأَسْوَاقِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ بَلْ أَقَلَّ مِنْهُ بِكَثِيرٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْغَرَضَ الَّذِي يُصْنَعُ بِالثَّوْبِ الْكَامِلِ فَعَلِمْنَا أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>