للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ (وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا عَلَى النَّخِيلِ فَسَدَ الْبَيْعُ)؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ هُوَ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ وَهُوَ إعَارَةٌ أَوْ إجَارَةٌ فِي بَيْعٍ، وَكَذَا بَيْعُ الزَّرْعِ بِشَرْطِ التَّرْكِ لِمَا قُلْنَا، وَكَذَا إذَا تَنَاهَى عِظَمُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِمَا قُلْنَا، وَاسْتَحْسَنَهُ مُحَمَّدٌ لِلْعَادَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ الْجُزْءُ الْمَعْدُومُ وَهُوَ الَّذِي يَزِيدُ لِمَعْنًى فِي الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ.

وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهِ لِحُصُولِهِ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ، وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ.

أَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ هُوَ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ)؛ لِأَنَّهُ إنْ شَرَطَ بِلَا أُجْرَةٍ فَشَرْطُ إعَارَةٍ فِي الْبَيْعِ أَوْ بِأُجْرَةٍ فَشَرْطُ إجَارَةٍ فِيهِ، وَمِثْلُ هَذَا بَيْعُ الزَّرْعِ بِشَرْطِ التَّرْكِ. وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْمُتَنَاهِي الِاسْتِحْسَانُ بِالتَّعَامُلِ؛ لِأَنَّهُمْ تَعَارَفُوا التَّعَامُلَ، كَذَلِكَ فِيمَا تَنَاهَى عِظَمُهُ فَهُوَ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَهَذَا دَعْوَى الشَّافِعِيِّ فِيمَا تَنَاهَى عِظَمُهُ وَمَا لَمْ يَتَنَاهَ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَرْكُهُمْ إيَّاهُ إلَى الْجُذَاذِ. وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ بِمَنْعِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجُزْءِ الْمَعْدُومِ، وَهُوَ الْأَجْزَاءُ الَّتِي تَزِيدُ بِمَعْنًى مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ إلَى أَنْ يَتَنَاهَى الْعِظَمُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَجْهَ لَا يَتِمُّ فِي الْفَرْقِ لِمُحَمَّدٍ إلَّا بِادِّعَاءِ عَدَمِ الْعُرْفِ فِيمَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ، إذْ الْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِلشَّرْطِ الَّذِي لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فِي الْمُتَنَاهِي وَغَيْرِهِ خَرَجَ مِنْهُ الْمُتَنَاهِي لِلتَّعَامُلِ، فَكَوْنُ مَا لَمْ يَتَنَاهَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ إنَّمَا يَكُونُ لِعَدَمِ التَّعَامُلِ فِيهِ وَالْجُزْءُ الْمَعْدُومُ طُرِدَ، وَلَوْ بَاعَ مَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ مُطْلَقًا عَنْ الشَّرْطِ ثُمَّ تَرَكَهُ، فَإِمَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ إذْنًا مُجَرَّدًا، أَوْ بِإِذْنٍ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ الْأَشْجَارَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ، أَوْ بِلَا إذْنٍ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَالْأَكْلُ، أَمَّا فِي الْإِذْنِ الْمُجَرَّدِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ؛ فَلِأَنَّهَا إجَارَةٌ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ فِي إجَارَةِ الْأَشْجَارِ وَالْحَاجَةِ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ لَيْسَتْ بِمُتَعَيِّنَةٍ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَتَعَيَّنُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَخْلَصٌ إلَّا بِالِاسْتِئْجَارِ، وَهُنَا يُمْكِنُ أَنْ يَشْتَرِيَ الثِّمَارَ مَعَ أُصُولِهَا فَيَتْرُكَهَا عَلَيْهَا. وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ الْعُسْرِ فَإِنَّهُ يَسْتَدْعِي شِرَاءَ مَا لَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهِ أَوْ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى ثَمَنِهِ، وَقَدْ لَا يُوَافِقُهُ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِ الْأَشْجَارِ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَأَصْلُ الْإِجَارَةِ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ فِيهَا الْبُطْلَانُ، إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَجَازَهَا لِلْحَاجَةِ فِيمَا فِيهِ تَعَامُلٌ، وَلَا تَعَامُلَ فِي إجَارَةِ الْأَشْجَارِ الْمُجَرَّدَةِ فَلَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَشْجَارًا لِيُجَفِّفَ عَلَيْهَا ثِيَابَهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ. وَإِذَا بَطَلَتْ بَقِيَ الْإِذْنُ مُعْتَبَرًا فَيَطِيبُ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الزَّرْعَ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ حَيْثُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ هُنَا فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ يَجُوزُ إجَارَتُهَا، وَإِنَّمَا فَسَدَتْ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ فَأَوْرَثَ خُبْثًا أَمَّا هُنَا الْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَالْبَاطِلُ لَا وُجُودَ لَهُ فَلَمْ يُوجَدْ إلَّا الْإِذْنُ فَطَابَ، أَمَّا الْفَاسِدُ فَلَهُ وُجُودٌ فَكَانَ الْإِذْنُ ثَابِتًا فِي ضِمْنِهِ بِاعْتِبَارِهِ فَمُنِعَ، وَهُنَا صَارَ الْإِذْنُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عُذْرِهِ بِالْجَهْلِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ جَاهِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>