للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَجِذْعٍ فِي سَقْفٍ وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ ذَكَرَا الْقَطْعَ أَوْ لَمْ يَذْكُرَاهُ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِضَرَرٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ نُقْرَةٍ فِضَّةً لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَبْعِيضِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا لَا يَجُوزُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِلْجَهَالَةِ أَيْضًا، وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ الذِّرَاعَ أَوْ قَلَعَ الْجِذْعَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُشْتَرِي يَعُودُ صَحِيحًا لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ النَّوَى فِي التَّمْرِ أَوْ الْبَذْرَ فِي الْبِطِّيخِ حَيْثُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا.

وَإِنْ شَقَّهُمَا وَأَخْرَجَ الْمَبِيعَ لِأَنَّ فِي وُجُودِهِمَا احْتِمَالًا،

فِي قِشْرِهَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ بِمَا أَسْلَفْنَاهُ، وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِي تُرَابِهِمَا بِخِلَافِ جِنْسِهِمَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

(قَوْلُهُ وَجِذْعٍ مِنْ سَقْفٍ) بِالْجَرِّ: أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ جِذْعٍ مِنْ سَقْفٍ (وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ) أَيْ ثَوْبٍ يَضُرُّهُ الْقَطْعُ كَالْعِمَامَةِ وَالْقَمِيصِ أَمَّا مَا لَا يَضُرُّهُ الْقَطْعُ كَالْكِرْبَاسِ فَيَجُوزُ. وَقَوْلُ الطَّحَاوِيِّ فِي آجُرٍّ مِنْ حَائِطٍ أَوْ ذِرَاعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ أَوْ دِيبَاجٍ لَا يَجُوزُ مَمْنُوعٌ فِي الْكِرْبَاسِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى كِرْبَاسٍ يَتَعَيَّبُ بِهِ. أَمَّا مَا لَا يَتَعَيَّبُ بِهِ فَيَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ حِلْيَةٍ مِنْ سَيْفٍ أَوْ نِصْفِ زَرْعٍ لَمْ يُدْرَكْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِقَطْعِ جَمِيعِهِ، وَكَذَا بَيْعُ فَصِّ خَاتَمٍ مُرَكَّبٍ فِيهِ وَمِثْلُهُ نَصِيبُهُ مِنْ ثَوْبٍ مُشْتَرَكٍ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ وَذِرَاعٌ مِنْ خَشَبَةٍ لِلُزُومِ الضَّرَرِ فِي التَّسْلِيمِ فِي كُلِّ ذَلِكَ. وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ ضَرَرٌ لَزِمَ الْبَائِعَ بِالْتِزَامِهِ. أُجِيبُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعَقْدَ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. وَقَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ إنْ رَضِيَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَهُ أَوْ يَقْلَعَهُ فَيُسَلِّمَهُ قَبْلَ نَقْضِ الْبَيْعِ فَيَنْقَلِبَ صَحِيحًا كَذَلِكَ، فَإِنَّ الرُّجُوعَ لَا يُمْكِنُهُ مَعَ الْمُلْزَمِ وَهُوَ الْتِزَامُ الْعَقْدِ بِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَأَمَّا إيرَادُ الْمُحَابَاةِ فَدُفِعَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِهْلَاكُ مَالٍ. نَعَمْ يُرَدُّ بَيْعُ الْحِبَابِ الَّتِي لَا تَخْرُجُ إلَّا بِقَلْعِ الْأَبْوَابِ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ وَالْبَعْضُ قَدْ مَنَعَهُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُتَعَيِّبَ الْجُدْرَانُ دُونَ الْحِبَابِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي الْمَنْعِ تَعَيُّبُ الْبَيْعِ، وَالْكَلَامُ السَّابِقُ يُفِيدُ أَنَّهُ تَعَيُّبُ غَيْرِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَمْعِ حَاكِمٍ يَمْنَعُ هَذَا وَمَا يَلْحَقُ بِهِ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ مِنْ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالسَّمْنِ فِي اللَّبَنِ. أَفَادَ أَنَّ الْمَنْعَ إذَا كَانَ لَا يُسَلَّمَ الْمَبِيعُ إلَّا بِعَيْبٍ فِيهِ ضَرَرٌ بِغَيْرِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ اللَّبَنَ يَدْخُلُهُ ضَرَرٌ بِتَسْلِيمِ السَّمْنِ. وَأَظْهَرُ مِنْ هَذَا ثُبُوتُ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ كَيْفَ شَاءَ وَأَلْيَتِهَا وَرِجْلِهَا، وَهُوَ مُعَلَّلٌ بِمَا يَلْزَمُ فِي التَّسْلِيمِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ فَخَرَجَ بَيْعُ الْحِبَابِ الَّتِي يُحْتَاجُ فِي تَسْلِيمِهَا إلَى هَدْمِ أَكْتَافِ الْأَبْوَابِ عَلَى مَنْ يُصَحِّحُ بَيْعَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا) يَعْنِي الْجِذْعَ وَالذِّرَاعَ (لَا يَجُوزُ لِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ لُزُومِ الضَّرَرِ (وَلِلْجَهَالَةِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِيمَا يَتَعَيَّبُ بِالتَّبْعِيضِ وَيَخْتَلِفُ بِخِلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ قِطْعَةِ نُقْرَةٍ

(وَلَوْ قَلَعَ الْبَائِعُ الْجِذْعَ وَقَطَعَ الذِّرَاعَ يَعُودُ الْعَقْدُ صَحِيحًا لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ) قَبْلَ نَقْضِ الْبَيْعِ. وَلَوْ فَعَلَ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا يَجُوزُ. وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ النَّوَى فِي التَّمْرِ أَوْ الْبَذْرَ فِي الْبِطِّيخِ) وَكَسَّرَهَا وَسَلَّمَ الْبَذْرَ وَالنَّوَى قَبْلَ الْفَسْخِ (لَا يَعُودُ صَحِيحًا)؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ لِلْغَرَرِ (إذْ فِي وُجُودِهِمَا احْتِمَالَانِ) فَكَانَ كَبَيْعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>