الْقَزِّ وَالْحَمَامِ إذَا عَلِمَ عَدَدَهَا وَأَمْكَنَ تَسْلِيمُهَا جَازَ بَيْعُهَا لِأَنَّهُ مَالٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ) لِنَهْيِ النَّبِيِّ ﵊ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ (إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ رَجُلٍ زَعَمَ أَنَّهُ عِنْدَهُ) لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ بَيْعُ آبِقٍ مُطْلَقٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ آبِقًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهَذَا غَيْرُ آبِقٍ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي؛ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي انْتَفَى الْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ وَهُوَ الْمَانِعُ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ قَابِضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَكَانَ أَشْهَدَ عِنْدَهُ أَخَذَهُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ لَمْ يُشْهِدْ يَجِبُ أَنْ يَصِيرَ قَابِضًا لِأَنَّهُ قَبْضُ غَصْبٍ، لَوْ قَالَ هُوَ
الْقَزِّ بَلْ يَقُولَانِ مَعًا إنْ كَانَ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْهَوَامِّ. وَإِنْ كَانَ تَبَعًا لِلْقَزِّ فَيَقُولَانِ بِالْجَوَازِ فِيهِمَا فَلَا مَعْنَى لِإِفْرَادِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ، وَقِرَانِ أَبِي يُوسُفَ مَعَهُ فِي تِلْكَ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ مَا سِوَاهُمَا مِنْ الْهَوَامِّ كَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالْوَزَغِ وَالْعَظَايَةِ وَالْقَنَافِذِ وَالْجُعْلِ وَالضَّبِّ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْبَحْرِ إلَّا السَّمَكَ كَالضِّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَفَرَسِ الْبَحْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا كَانَ الدُّودُ وَوَرَقُ التُّوتِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلُ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْقَزُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا وَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ: امْرَأَةٌ أَعْطَتْ امْرَأَةً بَذْرَ الْقَزِّ وَهُوَ بَذْرُ الْفَيْلَقِ بِالنِّصْفِ فَقَامَتْ عَلَيْهِ حَتَّى أَدْرَكَ فَالْفَيْلَقِ لِصَاحِبَةِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ مِنْ بَذْرِهَا وَلَهَا عَلَى صَاحِبَةِ الْبَذْرِ قِيمَةُ الْأَوْرَاقِ وَأَجْرُ مِثْلِهَا، وَمِثْلُهُ إذَا دَفَعَ بَقَرَةً إلَى آخَرَ يَعْلِفُهَا لِيَكُونَ الْحَادِثُ بَيْنَهَا بِالنِّصْفِ فَالْحَادِثُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَلَهُ عَلَى صَاحِبِ الْبَقَرَةِ ثَمَنُ الْعَلَفِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ، وَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ الدَّجَاجَ لِيَكُونَ الْبَيْضُ بِالنِّصْفِ (قَوْلُهُ وَالْحَمَامُ إذَا عَلِمَ عَدَدَهَا وَأَمْكَنَ تَسْلِيمُهَا جَازَ بَيْعُهَا) أَمَّا إذَا كَانَتْ فِي بُرُوجِهَا وَمَخَارِجُهَا مَسْدُودَةٌ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي حَالِ طَيَرَانِهَا وَمَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ أَنَّهَا تَجِيءُ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ عَادَةً كَالْوَاقِعِ فَكَانَ مَمْلُوكًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، وَتَجْوِيزُ كَوْنِهِ لَا يَعُودُ أَوْ عُرُوضِ عَدَمِ عَوْدِهِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ كَتَجْوِيزِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، ثُمَّ إذَا عَرَضَ الْهَلَاكُ انْفَسَخَ كَذَا هُنَا إذَا فُرِضَ وُقُوعُ عَدَمِ الْمُعْتَادِ مِنْ عَوْدِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ وَصَارَ كَالظَّبْيِ الْمُرْسَلِ فِي بَرٍّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ جَازَ أَنْ لَا يَعُودَ
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ) الْآبِقُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَيَجُوزُ عِتْقُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ اُشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِحَيَاتِهِ وَتَجُوزُ هِبَتُهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لَيَتِيمٍ فِي حِجْرِهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِيبَ الْبَيْعِ وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْيَدِ يَصْلُحُ لِقَبْضِ الْهِبَةِ وَلَا يَصْلُحُ لِقَبْضِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ بِإِزَاءِ مَالٍ مَقْبُوضٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ، وَهَذَا قَبْضٌ لَيْسَ بِإِزَائِهِ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ فَكُفَّتْ تِلْكَ الْيَدُ لَهُ نَظَرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute