مَصُونٌ عَنْ الِابْتِذَالِ بِالْبَيْعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ لَبَنِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهَا فَكَذَا عَلَى جُزْئِهَا.
قُلْنَا: الرِّقُّ قَدْ حَلَّ نَفْسَهَا، فَأَمَّا اللَّبَنُ فَلَا رِقَّ فِيهِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَحِلٍّ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْقُوَّةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّهُ وَهُوَ الْحَيُّ وَلَا حَيَاةَ فِي اللَّبَنِ.
مَصُونٌ عَنْ الِابْتِذَالِ بِالْبَيْعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ لَبَنِ الْحُرَّةِ وَلَبَنِ الْأَمَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي لَبَنِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَى كُلِّهَا فَيَجُوزُ عَلَى جُزْئِهَا. قُلْنَا) الْجَوَازُ يَتْبَعُ الْمَالِيَّةَ وَلَا مَالِيَّةَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا كَانَ مَحِلًّا لِلرِّقِّ (وَهُوَ لِلْحَيِّ وَلَا حَيَاةَ فِي اللَّبَنِ)؛ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ قُوَّةٌ شَرْعِيَّةٌ حَاصِلُهَا قُدْرَةٌ تَثْبُتُ لَهُ شَرْعًا عَلَى تَصَرُّفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ تَرِدُ عَلَى الرِّقِّ فَتَرْفَعُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ مَحَلِّهِمَا وَلَيْسَ اللَّبَنُ مَحَلَّ تِلْكَ الْقُدْرَةِ. فَإِنْ قِيلَ: أَجْزَاءُ الْآدَمِيِّ مَضْمُونَةٌ فَيَجِبُ كَوْنُ اللَّبَنِ كَذَلِكَ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ. أُجِيبُ بِمَنْعِ ضَمَانِ إجْزَائِهِ مُطْلَقًا بَلْ الْمَضْمُونُ مَا انْتَقَصَ مِنْ الْأَصْلِ، حَتَّى لَوْ نَبَتَ السِّنُّ الَّتِي قُلِعَتْ لَا ضَمَانَ إلَّا مَا يَسْتَوْفِي بِالْوَطْءِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِضْ شَيْئًا تَغْلِيظًا لِأَمْرِ الْبُضْعِ فَجَعَلَ مَا يُسْتَوْفَى بِالْوَطْءِ فِي حُكْمِ النَّفْسِ، بِخِلَافِ مَنْ جَزَّ صُوفَ شَاةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ نَبَتَ غَيْرُهُ، وَبِإِتْلَافِ اللَّبَنِ لَا يُنْتَقَصُ شَيْءٌ مِنْ الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ بِشُرْبِهِ، فَفِي إشَاعَتِهِ بِبَيْعِهِ فَتْحٌ لَبَابِ فَسَادِ الْأَنْكِحَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْدَرُ عَلَى ضَبْطِ الْمُشْتَرِينَ وَالْبَائِعِينَ فَيَشِيعُ فَسَادُ الْأَنْكِحَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ يَنْدَفِعُ إذَا كَانَتْ حُرْمَةُ شُرْبِهِ شَائِعَةً بِالدَّارِ فَيَعْلَمَ أَنَّ شِرَاءَهُ لَيْسَ إلَّا لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى كَشِرَاءِ الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ بَعْدَ اشْتِهَارِ حُرْمَةِ وَطْئِهَا شَرْعًا لَكِنَّهُمْ يُجِيزُونَ شُرْبَهُ لِلْكَبِيرِ. هَذَا وَقَدْ أَسْنَدَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إلَى مُحَمَّدٍ بِسَنَدٍ مُتَّصِلٍ قَالَ: سَمِعْت الْفَقِيهَ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ: سَمِعْت الْفَقِيهَ أَبَا الْقَاسِمِ أَحْمَدَ بْنَ حَمٍّ قَالَ: قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى: سَمِعْت الْحَسَنَ بْنَ سَيْهُوبٍ يَقُولُ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: جَوَازُ إجَارَةِ الظِّئْرِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ بَيْعِ لَبَنِهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتْ الْإِجَارَةُ ثَبَتَ أَنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ الْمَنَافِعِ وَلَيْسَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالًا لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ بَقَرَةً عَلَى أَنْ يَشْرَبَ لَبَنَهَا لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ، فَلَمَّا جَازَ إجَارَةُ الظِّئْرِ ثَبَتَ أَنَّ لَبَنَهَا لَيْسَ مَالًا. هَذَا وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَإِنَّمَا عَلَّلَ لِلْمَنْعِ بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute