وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ فَلَا يَنَالُ بِهِ نِعْمَةَ الْمِلْكِ؛ وَلِأَنَّ النَّهْيَ نَسْخٌ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ لِلتَّضَادِّ، وَلِهَذَا لَا يُفِيدُهُ قَبْضُ الْقَبْضِ، وَصَارَ كَمَا إذَا بَاعَ بِالْمَيْتَةِ أَوْ بَاعَ الْخَمْرَ بِالدَّرَاهِمِ. وَلَنَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ. مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ، وَلَا خَفَاءَ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَالْمَحَلِّيَّةِ.
وَرُكْنُهُ: مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ، وَفِيهِ الْكَلَامُ
رَدُّهُ بِعَيْنِهِ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ (مَحْظُورٌ فَلَا يَنَالَ بِهِ نِعْمَةَ الْمِلْكِ؛ وَلِأَنَّ النَّهْيَ نَسْخٌ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ؛ لِلتَّضَادِّ) بَيْنَ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالنَّهْيِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ النَّهْيَ يَتَضَمَّنُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ (وَلِهَذَا) أَيْ كَوْنِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ (لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَلَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَثَبَتَ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ (وَصَارَ كَمَا إذَا بَاعَ الْخَمْرَ بِالْمَيْتَةِ أَوْ بَاعَ الْخَمْرَ بِالدَّرَاهِمِ) فَإِنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِانْتِفَاءِ مَشْرُوعِيَّةِ السَّبَبِ (وَلَنَا أَنَّ رُكْنَ الْعَقْدِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ، وَلَا خَفَاءَ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَلَا فِي الْمَحَلِّيَّةِ وَرُكْنُهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَفِيهِ الْكَلَامُ) أَيْ الْكَلَامُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْعَقْدُ عِوَضَانِ هُمَا مَالَانِ.
قَوْلُهُ (نِعْمَةَ) الْمِلْكِ لَا تُنَالُ بِالْمَحْظُورِ. قُلْنَا: مَمْنُوعٌ، بَلْ مَا وَضَعَهُ الشَّرْعُ سَبَبًا لِحُكْمٍ إذَا نَهَى عَنْهُ عَلَى وَضْعٍ خَاصٍّ فَفُعِلَ مَعَ ذَلِكَ الْوَضْعَ رَأَيْنَا مِنْ الشَّرْعِ أَنَّهُ أَثْبَتَ حُكْمَهُ وَأَتَمَّهُ. أَصْلُهُ الطَّلَاقُ وَضَعَهُ لِإِزَالَةِ الْعِصْمَةِ وَنَهَى عَنْهُ بِوَضْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَائِضًا ثُمَّ رَأَيْنَاهُ أَثْبَتَ حُكْمَ طَلَاقِ الْحَائِضِ فَأَزَالَ بِهِ الْعِصْمَةَ حَتَّى أَمَرَ ابْنَ عُمَرَ بِالْمُرَاجَعَةِ رَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَأَثِمَ الْمُطَلِّقُ فَصَارَ هَذَا أَصْلًا فِي كُلِّ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ نَهَى عَنْ مُبَاشَرَتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْفُلَانِيِّ إذَا بُوشِرَ مَعَهُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ وَيَعْصِي بِهِ.
وَقَوْلُهُ النَّهْيُ نَسْخٌ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ: يَعْنِي يُفِيدُ انْتِفَاءَهَا مَعَ الْوَصْفِ، فَنَقُولُ: مَا تُرِيدُ بِانْتِفَاءِ مَشْرُوعِيَّةِ السَّبَبِ كَوْنُهُ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ أَوْ كَوْنُهُ لَا يُفِيدُ حُكْمَهُ؟ إنْ أَرَدْت الْأَوَّلَ سَلَّمْنَاهُ وَمَتَّعْنَا أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ حُكْمَهُ مَعَ الْوَصْفِ الْمُقْتَضِي لِلنَّهْيِ كَمَا أَرَيْنَاك مِنْ الشَّرْعِ، وَإِنْ أَرَدْت الثَّانِيَ فَهُوَ مَحِلُّ النِّزَاعِ وَهُوَ حِينَئِذٍ مُصَادَرَةٌ حَيْثُ جَعَلْت مَحِلَّ النِّزَاعِ جُزْءَ الدَّلِيلِ.
لَا يُقَالُ فَلَا فَائِدَةَ لِلنَّهْيِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ التَّحْرِيمُ وَالتَّأْثِيمُ وَهُوَ مَوْضِعُ النَّهْيِ فَإِنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ إذَا كَانَ ظَنِّيَّ الثُّبُوتِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّابِتُ رُكْنَ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا بِأَنْ عَقَدَ عَلَى الْخَمْرِ أَوْ الْمَيْتَةِ لِعَدَمِ الرُّكْنِ فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ أَصْلًا فَلَا يُفِيدُ الْمِلْكَ فَوَضَعْنَا الِاصْطِلَاحَ عَلَى الْفَاسِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute