للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَقْرِيرِ الْفَسَادِ الْمُجَاوِرِ إذْ هُوَ وَاجِبُ الرَّفْعِ بِالِاسْتِرْدَادِ فَبِالِامْتِنَاعِ عَنْ الْمُطَالَبَةِ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ ضَعُفَ لِمَكَانِ اقْتِرَانِهِ بِالْقَبِيحِ فَيُشْتَرَطُ اعْتِضَادُهُ بِالْقَبْضِ فِي إفَادَةِ الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ

حَالَ الِاعْتِصَارِ، بَلْ الْمَوْجُودُ حِينَئِذٍ نِيَّةُ أَنْ يَصِيرَ خَمْرًا وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَهِيَ مَالٌ فِي شَرْعِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى زَعْمِهِمْ، وَحَيْثُ أَمَرَنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ فَقَدْ أَمَرَنَا بِاعْتِبَارِ بَيْعِهِمْ إيَّاهَا وَبَيْعِهِمْ بِهَا، فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فِي بَيْعِ الْمُسْلِمِ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ فِي الْبَدَلِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ ثَمَنًا، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْعِهِمْ فَصَحِيحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ (وَإِنَّمَا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَى آخِرِهِ) جَوَابٌ عَنْ مُقَدَّرٍ هُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا الْبَيْعُ يُفِيدُهُ حُكْمُهُ فَمَا وَجْهُ تَرَاخِيهِ عَنْهُ إلَى وَقْتِ الْقَبْضِ؟ فَأَجَابَ: وَحَاصِلُ الْوَجْهِ فِيهِ أَنَّا قَدْ أَرَيْنَاك أَنَّهُ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ وَأَنَّ مَا هُوَ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ طَلَبَ الشَّرْعُ رَفْعَهُ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَإِنْ تَرَتَّبَ حُكْمُهُ كَمَا أَمَرَ بِمُرَاجَعَةِ الْحَائِضِ فَوَجَبَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَحَيْثُ أَمَرَنَا بِإِعْدَامِهِ بَعْدَ فِعْلِهِ صَارَ فِيهِ ضَعْفٌ، وَرَأَيْنَا حُكْمَ السَّبَبِ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَأَخَّرْنَاهُ إلَى الْقَبْضِ، فَإِنَّهُ بِهِ يَتَأَكَّدُ الْعَقْدُ فَيُوجِبُ حِينَئِذٍ حُكْمَهُ كَالْهِبَةِ لَمَّا ضَعُفَ السَّبَبُ فَلَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ فِيهَا إلَّا بِالْقَبْضِ.

وَقَوْلُهُ (كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى تَقْرِيرِ الْفَسَادِ) أَيْ إلَى زِيَادَةِ تَقْرِيرِهِ، فَإِنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَيْهِ تَزِيدُهُ وُجُودًا مَعَ أَنَّهُ وَاجِبُ الرَّفْعِ فَلَا يَفْعَلْ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>