للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ)؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، فَكَذَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَغُرَمَائِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَالرَّاهِنِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ قَائِمَةً يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً أَخَذَ مِثْلَهَا لِمَا بَيَّنَّا.

قَالَ (وَمَنْ بَاعَ دَارًا بَيْعًا فَاسِدًا فَبَنَاهَا الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ عَنْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ.

الْفَاسِدُ اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ الْجَائِزِ إذَا تَفَاسَخَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَحْبِسَ مَا اسْتَأْجَرَهُ حَتَّى يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ الَّتِي دَفَعَهَا لِلْمُؤَجِّرِ. وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ حَتَّى يَقْبِضَ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عُقُودُ مُعَاوَضَةٍ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ (وَلَوْ مَاتَ الْبَائِعُ) بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ الْمُؤَجِّرُ إجَارَةً فَاسِدَةً أَوْ الرَّاهِنُ أَوْ الْمَقْبُوضُ كَذَلِكَ، فَاَلَّذِي فِي يَدِهِ الْمَبِيعُ أَوْ الرَّهْنُ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ (لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، فَكَذَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَغُرَمَائِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ) إلَّا أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالْمُشْتَرِي بِقَدْرِ مَا أَعْطَى فَمَا فَضَلَ فَلِلْغُرَمَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْمُحِيلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ أَوْ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْمُحْتَالُ بِدَيْنِ الْحَوَالَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ مَعَ أَنَّ دَيْنَ الْمُحِيلِ صَارَ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْمُحْتَالِ كَمَا فِي الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِصَاصَ إنَّمَا يُوجِبُهُ ثُبُوتُ الْحَقِّ مَعَ الْيَدِ لَا مُجَرَّدُ الْحَقِّ وَلَا يَدَ لِلْمُحْتَالِ (ثُمَّ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ) الَّتِي دَفَعَهَا (قَائِمَةً يَأْخُذُهَا) الْمُشْتَرِي (بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ) خِلَافًا لِمَا ذَكَرَ أَبُو حَفْصٍ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَهُوَ رِوَايَةُ كِتَابِ الصَّرْفِ، وَرِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ تَتَعَيَّنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، لَكِنْ سَيَأْتِي مَا يُقَوِّيَ رِوَايَةَ أَبِي حَفْصٍ (؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ) وَالثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ (وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً) قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (لَهُ أَخْذُ مِثْلِهَا) وَكَذَا ذَكَرَ قَاضِي خَانْ.

وَذَكَرَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يُبَاعُ الْمَبِيعُ لِحَقِّ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَمَّا دَفَعَهُ يُصْرَفُ إلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ مِثْلُ حَقِّهِ الْمُسْتَهْلَكِ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ دَارًا بَيْعًا فَاسِدًا فَبَنَاهَا الْمُشْتَرِي) أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا (فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا) وَانْقَطَعَ حَقُّ الْبَائِعِ فِي اسْتِرْدَادِهَا بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>