للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَجُوزُ أَنْ يُضِيفَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ أُجْرَةَ الْقَصَّارِ وَالطَّرَّازِ وَالصَّبْغِ وَالْفَتْلِ وَأُجْرَةَ حَمْلِ الطَّعَامِ)؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِإِلْحَاقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِرَأْسِ الْمَالِ فِي عَادَةِ التُّجَّارِ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا يَزِيدُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ فِي قِيمَتِهِ يَلْحَقُ بِهِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَمَا عَدَدْنَاهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ وَأَخَوَاتِهِ يَزِيدُ فِي الْعَيْنِ وَالْحَمْلَ يَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ إذْ الْقِيمَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ (وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَمْ يَقُلْ اشْتَرَيْته بِكَذَا) كَيْ لَا يَكُونَ كَاذِبًا وَسَوْقُ الْغَنَمِ بِمَنْزِلَةِ الْحَمْلِ، بِخِلَافِ أُجْرَةِ الرَّاعِي وَكِرَاءِ بَيْتِ الْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي الْعَيْنِ وَالْمَعْنَى، وَبِخِلَافِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الزِّيَادَةِ لِمَعْنًى فِيهِ وَهُوَ حَذَاقَتُهُ.

فَإِنَّ مَعْنَى ده يازده كُلُّ عَشَرَةٍ أَحَدَ عَشَرَ، وَهَذَا فَرْعُ مَعْرِفَةِ عَدَدِ الْعَشْرَاتِ وَهُوَ بِتَقْوِيمِ الْعَبْدِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ ده يازده وَمَعْنَاهُ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشْرَ أَيْ كُلُّ عَشَرَةٍ رَبِحَهَا وَاحِدٌ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ جِنْسِ الْعَشَرَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ مَفْهُوم ذَلِكَ، وَلَكِنَّ لُزُومَ ذَلِكَ رَفْعًا لِلْجَهَالَةِ وَلَا يَثْبُتُ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَابَحَةُ عَلَى الْعَبْدِ بده يازده تَقْتَضِي أَنَّهُ بَاعَهُ بِالْعَبْدِ وَبِبَعْضِهِ أَوْ بِمِثْلِ بَعْضِهِ وَهُوَ كُلُّ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ الْعَبْدِ رِبْحُهَا جُزْءٌ آخَرُ مِنْهُ، وَحِينَ عَرَفَ أَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَحَدَ عَشَرَ لَزِمَ حِينَئِذٍ مَا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّهُ بَاعَهُ بِالْعَبْدِ وَبِبَعْضِ قِيمَتِهِ.

[وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ]

اشْتَرَى عَبْدًا بِعَشَرَةٍ خِلَافِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبَاعَهُ بِرِبْحِ دِرْهَمٍ فَالْعَشَرَةُ مِثْلُ مَا نَقَدَ وَالرِّبْحُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ إذَا أَطْلَقَهُ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ يَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي، وَالرِّبْحَ مُطْلَقٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ نَسَبَ الرِّبْحَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ بِعْتُك بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ بِرِبْحِ ده يازده فَالرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ عُرِفَ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهِ، وَفِي الْمُحِيطِ: اشْتَرَى بِنَقْدِ نَيْسَابُورَ، وَقَالَ بِبَلْخٍ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا أَوْ بَاعَهُ بِرِبْحِ مِائَةٍ أَوْ بِرِبْحِ ده يازده فَالرِّبْحُ وَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى نَقْدِ بَلْخٍ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ نَقْدُ نَيْسَابُورَ أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ.

وَإِذَا كَانَ نَقْدُ نَيْسَابُورَ فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ دُونَ نَقْدِ بَلْخٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَرَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ عَلَى نَقْدِ نَيْسَابُورَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ وَاشْتَرَاهُ بِبَلْخٍ بِنَقْدِ نَيْسَابُورَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَوْزَنُ وَأَجْوَدُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُرَابَحَةِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ دُونَ مَا دَفَعَ عِوَضًا عَنْهُ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بِعَشَرَةٍ فَدَفَعَ عَنْهَا دِينَارًا أَوْ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ الْعَشَرَةُ لَا الدِّينَارُ وَالثَّوْبُ لِأَنَّ وُجُوبَ هَذَا بِعَقْدٍ آخَرَ.

وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُضِيفَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ أُجْرَةَ الْقَصَّارِ وَالصَّبْغِ) أَسْوَدَ كَانَ الصَّبْغُ أَوْ غَيْرَهُ (وَالطِّرَازَ وَالْفَتْلَ وَأُجْرَةَ حَمْلِ الطَّعَامِ) بَرًّا أَوْ بَحْرًا (لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِإِلْحَاقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِرَأْسِ الْمَالِ فِي عَادَةِ التُّجَّارِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَزِيدُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ فِي الْقِيمَةِ يَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِرَأْسِ الْمَالِ.

(وَمَا عَدَدْنَاهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الصَّبْغَ وَأَخَوَاتِهِ) مِنْ الطِّرَازِ وَالْفَتْلِ (يَزِيدُ فِي الْعَيْنِ وَالْحَمْلَ) مِنْ مَكَان إلَى مَكَان (يَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ لِاخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ) قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: هَذَا الْمَعْنَى ظَاهِرٌ، وَلَكِنْ لَا يَتَمَشَّى فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَالْمَعْنَى الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ عَادَةُ التُّجَّارِ حَتَّى يَعُمَّ الْمَوَاضِعَ كُلَّهَا (وَ) إذَا ضَمَّ مَا ذُكِرَ (يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا، وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته بِكَذَا تَحَرُّزًا عَنْ الْكَذِبِ، وَسَوْقُ الْغَنَمِ) وَالْبَقَرِ (كَالْحَمْلِ) يَضُمُّهُ (بِخِلَافِ أُجْرَةِ الرَّاعِي وَالْبَيْتِ لِلْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي الْعَيْنِ) وَلَا الْقِيمَةِ فَلَا يُضَمُّ، وَكَذَا سَائِقُ الرَّقِيقِ وَحَافِظُهُمْ وَحَافِظُ الطَّعَامِ وَالْمَتَاعِ، بِخِلَافِ سَائِقِ الْغَنَمِ (وَ) كَذَا (أُجْرَةُ تَعْلِيمِ الْعَبْدِ) صِنَاعَةً أَوْ قُرْآنًا أَوْ عِلْمًا أَوْ شِعْرًا (لِأَنَّ ثُبُوتَ الزِّيَادَةِ لِمَعْنًى فِيهِ) أَيْ فِي الْمُتَعَلِّمِ (وَهُوَ حَذَاقَتُهُ) فَلَمْ يَكُنْ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْمُعَلَّمِ مُوجِبًا لِلزِّيَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>