للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحْكَامِ عَنْ الْأَوَّلِ فَيَجُوزُ بِنَاءُ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِ، كَمَا إذَا تَخَلَّلَ ثَالِثٌ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ شُبْهَةَ حُصُولِ الرِّبْحِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي ثَابِتَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَكَّدُ بِهِ بَعْدَمَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ بِالظُّهُورِ عَلَى عَيْبِ الشُّبْهَةِ كَالْحَقِيقَةِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ احْتِيَاطًا وَلِهَذَا لَمْ تَجُزْ الْمُرَابَحَةُ فِيمَا أُخِذَ بِالصُّلْحِ لِشُبْهَةِ الْحَطِيطَةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى خَمْسَةً وَثَوْبًا بِعَشَرَةٍ فَيُطْرَحُ عَنْهُ خَمْسَةٌ

الْأَحْكَامِ عَنْ الْأَوَّلِ) وَلِذَا لَوْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ خِيَارٌ لَا يَكُونُ فِي الثَّانِي، وَعَلَى الْعَكْسِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا قَبْلَهُ مُرَابَحَةً أَوْ وَضِيعَةً، وَلِذَا لَوْ كَانَ أَصْلُهُ هِبَةً أَوْ مِيرَاثًا فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَخِيرِ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ الْمُرَابَحَةُ أَصْلًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ بِالشِّرَاءِ الثَّانِيَ يَتَجَدَّدُ لَهُ مِلْكٌ غَيْرُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَسْبَابِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ عَلَى مَا عُرِفَ.

وَصَارَ (كَمَا لَوْ تَخَلَّلَ ثَالِثٌ) بِأَنْ اشْتَرَى بِعَشَرَةٍ مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعِشْرِينَ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ شُبْهَةَ حُصُولِ الرِّبْحِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي ثَابِتَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَكَّدُ بِهِ) أَيْ بِالْعَقْدِ الثَّانِي (مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ) مِنْ ذَلِكَ الرِّبْحِ (بِأَنْ يَظْهَرَ) الْمُشْتَرِي (عَلَى عَيْبٍ) فَيَرُدَّهُ فَيَزُولُ الرِّبْحُ عَنْهُ، فَإِذَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ تَأَكَّدَ: أَيْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ لِذَلِكَ الرِّبْحِ وَلِلتَّأْكِيدِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ حُكْمُ الْإِيجَابِ كَمَا فِي شُهُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا يَضْمَنُونَ نِصْفَ الْمَهْرِ لِتَأْكِيدِهِمْ مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ بِتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ أَوْ بِارْتِدَادٍ، وَعَلَى اعْتِبَارِ التَّأْكِيدِ يَصِيرُ الْبَائِعُ فِي مَسْأَلَتِنَا مُشْتَرِيًا بِالْعَقْدِ الثَّانِي ثَوْبًا وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَتَكُونُ الْخَمْسَةُ بِإِزَاءِ الْخَمْسَةِ وَيَبْقَى الثَّوْبُ بِخَمْسَةٍ، وَهَذَا الِاعْتِبَارُ وَاجِبٌ (لِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِي الْمُرَابَحَةِ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ وَلِذَا لَمْ تَجُزْ الْمُرَابَحَةُ فِيمَا أُخِذَ بِالصُّلْحِ لِشُبْهَةِ الْحَطِيطَةِ) لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الصُّلْحِ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسَةٍ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الشِّرَاءُ بِعَشَرَةٍ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِعِشْرِينَ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَصِيرُ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي كَأَنَّهُ اشْتَرَى ثَوْبًا وَعَشَرَةً بِعَشْرَةٍ فَكَانَ فِيهِ شُبْهَةُ الرِّبَا وَهُوَ حُصُولُ الثَّوْبِ بِلَا عِوَضٍ، أُجِيبُ بِأَنَّ التَّأْكِيدَ إنَّمَا حَصَلَ بِهِ شُبْهَةُ الْإِيجَابِ احْتِرَازًا عَنْ الْخِيَانَةِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِبَادِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّرْعِ، وَشَرْعِيَّةُ الْمُرَابَحَةِ لِمَعْنًى رَاجِعٍ إلَى الْعِبَادِ لَا الشَّرْعِ، وَلِذَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>