للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ)؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ وَإِنْ قُضِيَ بِجَوَازِهِ عِنْدَنَا عِنْدَ عَدَمِ الرِّبْحِ خِلَافًا لِزُفَرَ مَعَ أَنَّهُ اشْتَرَى مَالَهُ بِمَالِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِفَادَةِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ وَهُوَ مَقْصُودٌ وَالِانْعِقَادُ يَتْبَعُ الْفَائِدَةَ فَفِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ

وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: مَا يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ كَأَنَّهُ لِلْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ.

وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ وَتَجْرِي الْمُسَامَحَةُ بَيْنَهُمْ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِيمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ كَوْنُهُ مَدْيُونًا بِمَا يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْجَامِعِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: وَالْمَشَايِخُ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهُ كَقَاضِي خَانَ، وَمِنْهُمْ مِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْمُحِيطِ كَالصَّدْرِ الشَّهِيدِ فَقَالَ: عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِرَقَبَتِهِ أَوْ غَيْرُ مُحِيطٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّيْنَ أَصْلًا كَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ فَقَالَ: إذَا اشْتَرَى مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَهُ وَعَدَمَهُ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ، بَلْ إذَا كَانَ لَا يُرَابِحُ إلَّا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ مَعَ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ كَسْبِهِ فَلَأَنْ لَا يَرْبَحَ إلَّا عَلَيْهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ الثَّانِي أَصْلًا إنَّمَا يَبِيعُ مَالَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ يَشْتَرِيهِ.

وَإِنَّمَا فَائِدَتُهُ لِثُبُوتِ صِحَّةِ الْعَقْدِ الثَّانِي وَعَدَمِهِ، وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَخْتَلِفُ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ شَرِيكِهِ سِلْعَةً، إنْ كَانَتْ لَيْسَتْ مِنْ شَرِكَتِهِمَا يُرَابِحُ عَلَى مَا اشْتَرَى وَلَا يُبَيِّنُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَإِنَّهُ يَبِيعُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ عَلَى ضَمَانِهِ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي وَنَصِيبَ نَفْسِهِ عَلَى ضَمَانِهِ فِي الشِّرَاءِ الْأَوَّلِ نَحْوُ أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ اُشْتُرِيَتْ بِأَلْفٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَاشْتَرَاهَا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَنِ سِتُّمِائَةٍ وَنَصِيبَ نَفْسِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ خَمْسُمِائَةٍ فَيَبِيعُهَا عَلَى ذَلِكَ.

وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ، لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ وَإِنْ قُضِيَ بِجَوَازِهِ عِنْدَنَا عِنْدَ عَدَمِ الرِّبْحِ خِلَافًا لِزُفَرَ مَعَ أَنَّهُ اشْتَرَى مَالَهُ بِمَالِهِ) وَهُوَ وَجْهُ الْمَنْعِ لِزُفَرَ لَكِنَّا أَجَزْنَاهُ (لِمَا فِيهِ مِنْ) فَائِدَةِ (اسْتِفَادَةِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ) بَعْدَمَا كَانَتْ مُنْتَفِيَةً لِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ عَنْهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُضَارِبِ (وَالِانْعِقَادُ يَتْبَعُ الْفَائِدَةَ فَفِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ) أَيْ الْمُضَارِبَ (وَكِيلٌ عَنْهُ) أَيْ عَنْ رَبِّ الْمَالِ (فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ) وَذَلِكَ يَمْنَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>